"تركيا تريد أن يقضي داعش على كنتون كوباني الكردي"
كيف أصبح الوضع في مدينة عين العرب "كوباني" بعد انتقال القتال إلى شوارعها؟
مسلم الشيخ حسن: انتقل القتال إلى وسط المدينة. امتد مقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف بداعش رويدا رويدا فيها حتى وصلوا إلى المربع الأمني في وسط المدينة من الجهة الشرقية وسيطروا عليه. في هذا المربع الأمني توجد أكثرية الإدارات التابعة لكنتون الإدارة الذاتية الكردية. الاشتباكات بين عناصر تنظيم "داعش" وبين المقاتلين الأكراد جرت في هذا المربع ولم يسيطر أيٌّ من الطرفين على هذه المباني التابعة للإدارة الذاتية.
هل هناك مدنيون في المدينة وكم عددهم تقريبا؟
مسلم الشيخ حسن: بعد ضربات "داعش" بقذائف الدبابات والمدافع وصواريخ الكاتيوشا قل عدد المدنيين في المدينة، وبات لا يوجد إلا عدد قليل جدا جدا من المسنين، الكبار في السن، الموجودين على مدخل المدينة على البوابة الرئيسية على الحدود بين تركيا وسوريا، أظن أن عدد هؤلاء المدنيين لا يزيد عن 500 شخص.
لماذا لم يخرج هؤلاء من المدينة؟
مسلم الشيخ حسن: حرصاً على ممتلكاتهم ومنازلهم وليس دفاعا على المدينة بهذا العمر الكبير.
هل هم في منطقة سيطرة الأكراد...؟
مسلم الشيخ حسن: نعم. إنهم في مناطق سيطرة وحدات الحماية الشعبية وكتائب الجيش السوري الحر، التي ما زالت تسيطر على الزاوية الشمالية الغربية لمدينة كوباني. وهناك عدد كبير، يصل إلى أربعة آلاف مواطن كردي مع ممتلكاتهم وسياراتهم ومواشيهم، من المدنيين عالقون على الحدود على نقاط العبور ويريدون الدخول إلى الأراضي التركية.
بحسب الأنباء فتحت تركيا لعشرات آلاف الأكراد أبوابها، فلماذا هؤلاء عالقون على الحدود رغم أن من سبقوهم كانوا أكثر منهم بكثير؟
مسلم الشيخ حسن: العالقون على الحدود لم يتركوا ممتلكاتهم بل أخذوها معهم، فمعهم سياراتهم ومواشيهم وأبقارهم. لم يتخلوا عن ممتلكاتهم وهذا هو سبب عدم السماح لهم بالدخول.
ألا يوجد مدنيون في منطقة سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" في كوباني؟
مسلم الشيخ حسن: لا أتوقع وجود مدنيين هناك.
كيف يتم توفير الطعام والشراب للمدنيين في المنطقة الشمالية الغربية للمدينة؟ وكيف أوضاعهم الصحية؟ هل هناك كفاية من الأدوية والاحتياجات الطبية؟
مسلم الشيخ حسن: الوضع المعيشي مأساوي. الحكومة التركية لم تفتح الأبواب منذ أسبوع لوصول المواد الإغاثية والأدوية. قبل أسبوع كانت الدولة التركية تسمح بذلك.
ما سبب ذلك؟ وكيف ينظر المقاتلون إلى الموقف التركي؟
مسلم الشيخ حسن: سبب ذلك هو أن تركيا لها علاقة بالاشتباكات الجارية في كوباني. فالدولة التركية تعادي حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا (وهو الحزب الشقيق لحزب العمال الكردستاني في تركيا). وتركيا تمنع التعامل مع حزب الاتحاد الديمقراطي كليا، الذي يقيم إدارة ذاتية في كوباني. حتى أنها قبل أسبوع اعتقلت أكثر من 150 شخصا من الإداريين والمسؤولين المنتمين إلى هذا الحزب الذين دخلوا إلى أراضيها.
حزبكم "حزب الوحدة الديمقراطي" مختلف بالطبع عن "حزب الاتحاد الديمقراطي"...
مسلم الشيخ حسن: بالتأكيد. فحزب الاتحاد الديمقراطي أعلن ثلاث كانتونات وأقام إدارة ذاتية في ثلاث مناطق كردية هي القامشلي "قامشلو" وكوباني وعفرين. السبب الرئيسي بحسب تحليلي السياسي وراء هذه الحرب الدائرة في كوباني هي مشكلة الدولة التركية مع الإدارة الذاتية الكردية.
هل الجبهة الكردية موحدة أم فيها انقسامات؟ أنتم مثلا في حزب "الوحدة" كيف تنظرون إلى حزب "الاتحاد"؟
مسلم الشيخ حسن: نحن، في حزب الوحدة الديمقراطي الكردي، جزء من المجلس الوطني الكردي المنضوي تحته أكثر من 15 حزبا وعدد كبير من المستقلين. ونحن جزء من الائتلاف السوري لقوى المعارضة والثورة، ونناضل مع الائتلاف بوسائل النضال السلمي الديمقراطي ضد نظام بشار الأسد. المجلس الوطني الكردي لم يتبنَّ الكفاح المساح حتى الآن. وهناك خلاف سياسي بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي. ولكن كَوْن المجلس الوطني الكردي مجلسا سياسيا فليس لدينا قوة عسكرية على الأرض، بينما شكّل حزب الاتحاد الديمقراطي وإدارته الذاتية الكنتونية وحدات حماية الشعب بعد انسحاب النظام السوري من هذه المناطق الكردية الثلاث: القامشلي "قامشلو" وعفرين وكوباني.
هل حزبكم -حزب "الوحدة" الديمقراطي الكردي في سوريا- مشارك في القتال في مدينة كوباني؟
مسلم الشيخ حسن: بشكل رسمي لم نعلن مشاركتنا في حملة الدفاع عن منطقة كوباني ولكن هناك عناصر من حزبنا ومن أعضاء المجلس الوطني الكردي مشاركون في القتال ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في كوباني ولكن ليس بشكل رسمي. كوننا في المجلس الوطني الكردي نتبنى النضال السياسي الديمقراطي فلا يحق لنا إصدار قرار بتبني الكفاح المسلح في هذه اللحظة.
ما أوجه الاختلاف بين حزب الاتحاد الديمقراطي وبين بقية الأحزاب في المجلس الوطني الكردي المنضوية في ائتلاف المعارضة السوري، ومنها حزبكم؟
مسلم الشيخ حسن: نحن جزء من الثورة السورية نطالب بدولة ديمقراطية تعددية برلمانية تتساوى فيها كل المكونات الموجودة داخل سوريا من حيث الحقوق والواجبات وأمام القانون. بينما حزب الاتحاد الديمقراطي أعلن إدارات ذاتية في تلك المناطق الثلاث وحدها بعد انسحاب النظام السوري من هذه المناطق.
هل صحيح في رأيك أن النظام السوري قام بالتنسيق مع حزب الاتحاد الديمقراطي في هذا السياق في الماضي؟
مسلم الشيخ حسن: النظام انسحب من القامشلي وكوباني وعفرين بشكل تلقائي من دون أية مقاومة واستلم حزب الاتحاد الديمقراطي هذه المناطق الثلاث. لا يزال النظام السوري له وجود في منطقة القامشلي "قامشلو" بينما في كوباني وعفرين لا يوجد عنصر واحد من عناصر النظام. انسحب النظام السوري بكامل مؤسساته الأمنية والسياسية والحزبية من هذه المناطق واستلم حزب الاتحاد الديمقراطي ذلك بدلا منه. ولكن لا أؤكد وجود علاقة رسمية بين النظام وحزب الاتحاد الديمقراطي.
ماذا يطلب الأكراد بالتحديد من الأتراك؟
مسلم الشيخ حسن: نطلب من الدولة التركية، ومن المجتمع الدولي، فتح الأبواب أمام المساعدات الإنسانية للمدنيين وكذلك المساعدات للعسكريين والسماح للشباب الكرد -ومنهم 200 ألف من الأكراد النازحين المنتشرين في تركيا وأيضا الأكراد الأتراك- بالدخول من تركيا إلى كوباني لمساعدة إخوانهم في الدفاع عنها ودحر إرهابيي "داعش"، كي يتسنى للأكراد العودة إلى منطقتهم كوباني، وإلا فإن سقوط المدينة سيؤدي إلى مجازر كون عدد المقاتلين الموجودين فيها كبير، كما أنه لا يزال هناك مدنيون عالقون على الحدود.
لكن تركيا تقول إنها تريد تسليح المعارضة السورية المعتدلة، ومن ضمنها المجلس الوطني الكردي كما ذكرتَ؟
مسلم الشيخ حسن: نحن في المجلس الوطني الكردي نرحب بقرار تركيا بتدريب المعارضة السورية المعتدلة ونحن نعتبر أنفسنا منها. بينما هناك خلاف أساسي وجذري وجوهري بين حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا والدولة التركية، التي تعتبر هذا الحزب جزءا من حزب العمال الكردستاني في تركيا. ولذلك لا أعتقد أن تركيا ستساعد حزب الاتحاد الديمقراطي بل تحاول القضاء على الكنتونات والإدارة الذاتية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي.
الضربات الجوية لقوات التحالف الدولي، ما هي مردودها بالنسبة إليكم؟
مسلم الشيخ حسن: نرحب بضربات التحالف الجارية في مدينة كوباني ومحيطها. ونطالبه بتكثيف هذه الضربات. فلضربات التحالف الدولي على مواقع تنظيم "داعش" تأثير مباشر. لولا ضربات طيران التحالف الدولي لدخل تنظيم "داعش" وقضى على مدينة كوباني بشكل نهائي. الضربات يومية ولها مفعولها في قصف الآليات والدبابات والمجنزرات التابعة للتنظيم بشكل مباشر.
ما هي توقعاتك بشأن مصير مدينة كوباني في النهاية؟
مسلم الشيخ حسن: أرى أن هناك مخططا تركيا دوليا للقضاء على الإدارة الذاتية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا وإنهائها بشكل نهائي وإزالتها من الوجود في منطقة كوباني. بحسب اعتقادي فإن المخطط سيمضي وستسقط كوباني عاجلا أم آجلا، وفق المخطط المرسوم في أروقة الدولة التركية. وهناك مخاوف من سقوطها بسبب السياسات التركية ضد حزب الاتحاد الديمقراطي.
هذا يعني أنك ترى أن السيناريو سيكون بهذا الشكل: تركيا ستدع تنظيم" الدولة الإسلامية" يقضي على الإدارة الذاتية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي ثم ستتدخل تركيا بعد ذلك؟
مسلم الشيخ حسن: نعم. وهو كذلك بعد القضاء على عناصر وحدات حماية الشعب في كوباني ستتدخل تركيا وستقيم المنطقة الآمنة "منطقة الحظر الجوي" في عمق خمسة وثلاثين أو أربعين كيلومترا ليعود اللاجئون إلى مناطقهم وإلى قراهم التي نزحوا منها.
حاوره: علي المخلافي
حقوق النشر: دويتشه فيله 2014