صورة من معرض غمزة تاشدان "فتيات الجمهورية"، بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الجمهورية التركية
(image: Gamze Tasdan)
المرأة العصرية المتعلمة التقدمية كانت هي الركيزة الأساسية في تصوُّر المشروع الاجتماعي للجمهورية التركية الكمالية عند تأسيسها قبل مائة عام. فكيف تعاملت الفنانات التشكيليات مع هذا المبدأ وواقعه؟ جيداء نورتش والتفاصيل.
حديثة وغربية وعلمانية - هذه كانت رؤية الجمهورية التركية، التي تأسّست في عام 1923 مما تبقّى من الإمبراطورية العثمانية. وبينما كانت النخب الكمالية تؤسس دولتها التقدّمية ومؤسساتها، مضت قدماً في مشروع اجتماعي قطع تماماً مع الماضي من خلال جعل المرأة إحدى ركائزه الأساسية.
أصبحت المساواة بين الجنسين في المجال العام سياسة وطنية في دولة مصطفى كمال أتاتورك التي يهيمن عليها الذكور. نُشِر وعُزِّز مبدأ "المرأة الجمهورية"، غير المحجبة، المتعلمة جيداً والتقدمية اجتماعياً.
بيد أنّ الواقع تخلّف عن هذه الرؤية. صحيح أنّ الجمهورية منحت المرأة حق التصويت في عام 1926 حين اعتمدت تركيا القانون المدني التركي. ولكن كان تنفيذ مثل هذه الإصلاحات -خارج نطاق النخب الحضرية- بطيئاً. وفي حين ركّزت الدولة على توسيع دور المرأة في المجال العام، تجاهلت بشكل كبير كل ما كان يجري خلف الأبواب المغلقة.
إردوغان رئيس تركيا لثالث مرة بعد جولة ثانية غير مسبوقة في الانتخابات التركية
هيئة الانتخابات تعلن فوز إردوغان: أعلنت الهيئة العليا للانتخابات في تركيا فوز إردوغان في جولة الإعادة وحصوله على 52.14% من الأصوات بعد إحصاء "جميع الأصوات تقريبًا". وهنأت الهيئة إردوغان على فوزه. وأعلن رئيس الهيئة أحمد ينار أنه بعد إحصاء 99.43 بالمئة من صناديق الاقتراع، حصل منافس إردوغان كيليتشدار أوغلو على 47.86 بالمئة. وأضاف أنه مع وجود فارق يزيد عن مليوني صوت فإن بقية الأصوات التي لم تحصَ بعد لن تغير شيئًا في النتيجة.
إردوغان: "تركيا هي الفائز الوحيد": قبل إعلان النتائج، أعلن إردوغان "فوزه" بجولة الإعادة "بدعم الشعب" وشكره على التصويت، مؤكدًا أن "تركيا هي الفائز الوحيد" وأن "الشعب حملنا مسؤولية الحكم لخمس سنوات مقبلة".
كيليتشدار أوغلو: انتخابات "غير عادلة": أعرب كمال كيليتشدار أوغلو، منافس إردوغان ومرشح المعارضة للانتخابات الرئاسية، عن "حزنه" على مستقبل البلد بعد إعلان إردوغان فوزه. وقال كيليتشدار أوغلو: "إنني حزين للغاية في مواجهة الصعوبات التي تنتظر البلد"، وأكد أنه "سيواصل قيادة النضال"، وذلك بعد أن أظهرت النتائج الأولية أنه خسر ما قال إنها "أكثر انتخابات غير عادلة منذ سنوات". وأضاف أن النتائج أظهرت رغبة الناس في تغيير "الحكومة الاستبدادية"، وفق تعبيره.
جولة ثانية غير مسبوقة: أدلى الناخبون الأتراك بأصواتهم الأحد 28 أيار/ مايو 2023 في جولة ثانية حاسمة في الانتخابات الرئاسية، ليختاروا بين مواصلة الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان لحكمه الذي بدأه قبل عقدين، ومنافسه، مرشح المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو.
تقدم مريح في الجولة الأولى: صَوَّتَ إردوغان مع زوجته أمينة في إسطنبول. خالف إردوغان (69 عامًا) استطلاعات الرأي وحقق تقدمًا مريحًا بفارق خمس نقاط مئوية تقريبًا على منافسه كمال كيليتشدار أوغلو في الجولة الأولى للانتخابات في 14 أيار/مايو 2023. لكنه لم يستطع حسم السباق وقتها. وكان استطلاع للرأي أجرته شركة كوندا للأبحاث والاستشارات أظهر أن نسبة التأييد المتوقعة لإردوغان في جولة الإعادة ستكون 52.7%.
"التخلّص من النظام الاستبدادي"، بحسب تعبير منافس إردوغان، كمال كيليتشدار أوغلو: وهو مرشح تحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب، كان دعا الأتراك "للتصويت من أجل التخلّص من النظام الاستبدادي" عند التصويت مع زوجته في أنقرة. حصل كيليتشدار أوغلو على 44.88% من الأصوات في الجولة الأولى، مقابل نحو 48 بالمئة في جولة الإعادة.
نسبة مشاركة مرتفعة بشكل عام: أكثر من 64 مليون تركي كانوا مؤهلين للتصويت في ما يقرب من 192 ألف مركز اقتراع. وشمل العدد أكثر من ستة ملايين مارسوا هذا الحق للمرة الأولى يوم 14 أيار/ مايو 2023. وهناك 3.4 مليون ناخب في الخارج صوتوا في الفترة من 20 إلى 24 أيار/ أيار. وتسجل تركيا نسبة مشاركة مرتفعة في الانتخابات بشكل عام. وفي 14 مايو/ أيار وصلت نسبة الإقبال الإجمالية إلى 87.04 بالمئة إذ بلغت 88.9 بالمئة داخل تركيا و49.4 بالمئة في الخارج.
دعم غير متوقع للمحافظين والقوميين: أظهرت نتائج الانتخابات الأولية دعمًا أكبر من المتوقع للمحافظين والقوميين، وهو تيار قوي في السياسة التركية اشتد بسبب سنوات من القتال مع المسلحين الأكراد ومحاولة الانقلاب في عام 2016 وتدفق ملايين اللاجئين من سوريا منذ بدء الحرب هناك في 2011. ويبدو أن كيليتشدار أوغلو حاول توظيف ذلك لصالحه إذ صعّد من لهجته تجاه اللاجئين في حملته بالجولة الثانية ووعد بترحيل "10 ملايين لاجئ" من تركيا إذا فاز.
الأكراد و"إنهاء نظام الرجل الواحد": حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد أيد كيليتشدار أوغلو في الجولة الأولى، ولكن بعد ميل الأخير إلى اليمين للفوز بأصوات قومية، لم يسمِّ الحزب كيليتشدار أوغلو صراحة لكنه دعا الناخبين إلى رفض "نظام الرجل الواحد" لإردوغان في جولة الإعادة. في الصورة امرأة كردية تدلي بصوتها في الجولة الثانية للانتخابات.
تصويت لإردوغان رغم الزلزال: بعد الزلازل الذي ضربت جنوب تركيا في شباط/فبراير 2023 والتي أودت بحياة ما يزيد على 50 ألف شخص، كان من المتوقع أن يزيد ذلك من التحديات التي سيواجهها إردوغان في الانتخابات. غير أن حزب العدالة والتنمية الحاكم فاز في جميع أنحاء تلك المنطقة في 14 أيار/مايو 2023. وروج إردوغان للتصويت لصالحه على أنه "تصويت للاستقرار". الصورة لناخبين في مناطق ضربتها الزلزال ينتظرون الإدلاء بأصواتهم في جولة الإعادة.
"هجمات" على مراقبي الانتخابات؟ أفادت تقارير بأن جولة الإعادة شهدت "هجمات" على مراقبي الانتخابات في إسطنبول وجنوب شرق البلاد. وقال وزغور أوزيل، زعيم الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري الذي يتزعمه كيليتشدار أوغلو، إن مراقبي الانتخابات "تعرضوا للضرب وكسرت هواتفهم" في قرية بمحافظة شانلي أورفا جنوب شرقي البلاد. ووقعت عدة حوادث في إسطنبول، وفقًا لتقارير إعلامية. ولا يمكن التحقق من جميع الحوادث بشكل مستقل.
"حملة انتخابية غير متوازنة": انتقد مراقبون قبل التصويت الأوضاع غير المتوازنة في مسار الحملة الانتخابية، حيث يتمتع إردوغان باستخدام موارد الدولة والهيمنة على الاعلام. مثَّل العدد الأكبر للقنوات التلفزيونية والصحف المؤيدة للحكومة في البلاد ميزة كبيرة لإردوغان في مواجهة خصمه في الحملة الانتخابية، إذ حظيت جميع خطاباته ببث مباشر بينما كانت التغطية محدودة لنشاط منافسه.
أحكم قبضته خلال سنوات حكمه: خلال سنوات حكمه الطويلة أحكم إردوغان قبضته على معظم المؤسسات التركية وهمش الليبراليين والمعارضين. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها العالمي لعام 2022 إن حكومة إردوغان أعادت سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان عقودًا للوراء.
ولاء مطلق من المتدينين: يحظى إردوغان بولاء مطلق من الأتراك المتدينين الذين كانوا يشعرون في الماضي بأن تركيا العلمانية سلبتهم حقوقهم، وسبق أن تغلب على محاولة انقلاب في 2016 واجتاز فضائح فساد.
"مزج الشعور الديني والكبرياء الوطني": يقول نيكولاس دانفورث وهو زميل -غير مقيم- في المؤسسة اليونانية للسياسة الأوروبية والخارجية (إلياميب) ومتخصص في التاريخ التركي: "لقد مزج إردوغان بين الشعور الديني والكبرياء الوطني، وقدم للناخبين نزعة معادية جدًا للنخبوية"، ويضيف: "تركيا لديها تقاليد ديمقراطية قديمة وتقاليد قومية راسخة، ومن الواضح الآن أن التقاليد القومية هي التي انتصرت".
تركيز على الاقتصاد: بعد فوز إردوغان، من المتوقع أن يكون الاقتصاد التركي في بؤرة التركيز. يقول خبراء اقتصاديون إن سياسة إردوغان غير التقليدية المتمثلة في خفض أسعار الفائدة على الرغم من قفزة الأسعار هي التي أدت إلى زيادة التضخم إلى 85 بالمئة العام السابق 2022 وإلى هبوط الليرة إلى عُشر قيمتها مقابل الدولار على مدى العقد السابق.
آمال بتحسن الأوضاع الاقتصادية: ومع بقاء إردوغان على رأس السلطة، ينتظر الأتراك أن تتحسن أوضاعهم الاقتصادية، فهل توجد مؤشرات حقيقية على ذلك؟ وقد تعكس ملامح هذه السيدة -التي تنتظر في مركز للاقتراع بإسطنبول- حقيقة تلك الأوضاع الاقتصادية "المرة". حقوق النشر: م.ع.ح / ع.غ - دويتشه فيله 2023
رموز التحديث
احتفالاً بالذكرى المئوية للجمهورية التركية قررت الفنانة غمزة تاشدان تصوير هذا المبدأ في معرضها "فتيات الجمهورية/Cumhuriyet Kizlari".
تقول تاشدان: "أصبحت هذه الفتيات، بشعرهن الأسود القصير ولغة أجسادهن البريئة والرومانسية مرادفاً للحداثة. التحقن بمعاهد القرية ودورات الخياطة ومدارس الفتيات ومعسكرات الكشافة والشواطئ، إضافة إلى المطاعم الراقية مع الموسيقى الحية، فدخلن المجال العام بشكل فعّال".
ويستند عملها إلى صور من السنوات الأولى للجمهورية. بالنسبة لها تشعّ هذه الفتيات بالبهجة وبالذهول من الحقوق التي مُنِحت لهن مع ظهور الكمالية.
"الجمهورية فضيلة": تقول الفنانة تاشدان: "اليوم، بعد مرور مائة عام، العديد من أحلام الجمهورية التركية المحققة وغير المحققة معرضة لخطر الاختفاء. إنه أمر محزن للغاية. كما تجري محاولات متعمدة لتدمير قيمنا الجمهورية".
(image: Gamze Tasdan)
تقول تاشدان: "يبدو أنهن سعيدات بحقوقهن وحرياتهن وفي الوقت ذاته عالقات بين رغباتهن ومشاعرهن من جهة والأيديولوجية الاجتماعية من جهة أخرى".
تقول تاشدان: "اليوم، وبعد 100 عام، فإنّ العديد من أحلام تركيا المُحققة وغير المحققة معرضة لخطر الاختفاء. إنه أمر محزن للغاية. مثلما أصبحت هذه الفتيات رمزاً لعملية التحديث في ذلك الوقت، تجري اليوم محاولات متعددة لتدمير قيمنا الجمهورية".
هي وفنانات أخريات مصمّمات على إبقاء "معجزة ذلك الوقت" حية.
الفن النسوي من الثمانينيات فصاعداً
بعد الانقلاب العسكري الوحشي في عام 1980 دخلت تركيا في حالة صدمة جماعية. ولم يظهر فضاء اجتماعي يمكن من خلاله أن يتطور تدريجياً الوعي بأدوار الجنسين وحقوق المرأة، إلا حين هدأ الجو السياسي تدريجياً في السنوات التي تلت.
وبمرور الوقت، تأسّست منظمات غير حكومية، بما فيها منظمات طالبت بحقوق المرأة ودافعت عنها.
رواية "قواعد العشق الأربعون" عن جلال الدين الرومي
· 30.12.2014
في الوقت ذاته انتقل عدد متزايد من الفنانات إلى الفضاء العام وبدأن بمعالجة قضايا مثل عدم المساواة وتجسيد المرأة ونضالها في المجتمع، بما في ذلك رائدات الفن النسوي مثل نيل يالتَر ونور كوتشاك وغولسون كارا مصطفى، وفوسون أونور التي مثّلت تركيا في بينالي البندقية عام 2022.
أجبرن على الخروج من الفضاء العام
في هذه الأيام فإنّ الحركة النسائية -التي تتظاهر سنوياً في شوارع إسطنبول بمناسبة يوم المرأة العالمي- تصبح أعلى صوتاً وأكثر جرأة وإبداعاً من عام إلى آخر. ويشكّل الفن المعاصر على نحو متزايد منصة يتم التفاوض فيها على حقوق المرأة ومجتمع الميم.
واحدة من أكبر المشاكل الاجتماعية هي عنف الذكور ضد المرأة الذي غالباً ما ينتهي بالقتل، وقد تناولت العديد من الفنانات هذا الموضوع. على سبيل المثال أعلنت الناشطة والفنانة المتعدّدة التخصصات، جنان، أنّ الأمور الشخصية والخاصة هي قضية سياسية. كما أنّها تستخدم عملها للتدقيق في السلطة والتأثير الذي يمارسه الدين والحكومة والمجتمع على القرارات الشخصية.
كما تلقي فنانة الأداء إيشيل إيغريكافوك نظرة نقدية على المعايير الجنسانية المحافظة. وهي تعيش في برلين منذ عام 2017، وتدرّسُ في جامعة برلين للفنون. وبتداخل بين العلم والفن، تتناول أعمالها مواضيع مثل الاحتجاج والنسوية وسياسات الهوية والطبيعة والتشبيك.
انتقاد المعايير الجنسانية المحافظة: "الأجواء في تركيا مظلمة للغاية بالفعل، لا سيما حين يتعلق الأمر بالعنف وبالظلم وبالعنف اليومي الذي تعيشه النساء. أعتقد أنّ الفن الفكاهي والخيالي، يمكن أن يكون أكثر فعالية أحياناً"، كما تقول إيشيل إيغيركافوك.
(image: Isil Egrikavuk)
"عزيزتي حواء، يا ابنتي، أكملي تفاحتك"
تلاحظ أنه -منذ حوالي عشر سنوات- تجري محاولات لإخراج المرأة من المجال العام في تركيا. ويتجلّى ذلك في تقييد التعبير العام، والحق في الاحتجاج والتظاهر. وتشعر الفنانات والأكاديميات على حد سواء بآثار ذلك.
تتميّز أعمال إيغريكافوك بالفكاهة وبالهجاء. تقول: "الأجواء في تركيا مظلمة للغاية بالفعل، لا سيما حين يتعلق الأمر بالعنف والظلم والعنف اليومي الذي تعاني منه النساء. أعتقد أنّ الفن الفكاهي والخيالي الذي يسلّط الضوء على وجهات نظر مختلفة يمكن أن يكون أكثر فعالية في بعض الأحيان".
تقول إيغريكافوك: "نرى روايات مماثلة في الحجج التي تُطرح حين يتعلق الأمر بقتل الإناث: المرأة أغرت الرجل، أو كان لها علاقة مع شخص آخر، أو كانت ترتدي ملابس كاشفة للغاية، أو ضحكت بصوت عالٍ للغاية".
"سألت نفسي، ماذا سيحدث لو أخبرنا حواء، كما قد تفعل الأم: حواء، أكملي تفاحتك، احتفظي بقوتك لنفسك". وقد أزيل عملها الفني المُثبَّت فوق سطح أحد الفنادق، بين ليلة وضحاها من دون أي تفسير.
يوجد العديد من الفنانات النسويات في تركيا المعاصرة واللواتي -رغم القمع والرقابة- ساهمن في جعل الحركة النسائية واحدة من أهم الحركات الاجتماعية في البلاد، معزَّزة بالتضامن الكبير فيما بينهن ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
في الوقت ذاته يتطور في الشتات مشهد نسوي يتناول الواقع الجديد للمرأة، على سبيل المثال في برلين، حيث يعيش حالياً العديد من الفنانين الأتراك، ويتناولون قضايا الانتماء ومفهوم الوطن ومشاعر النزوح.