هكذا منع مسلمون وعرب سقوط ضحايا في هامبورغ
مازالت دوافع الهجوم بسكين في هامبورغ حتى الآن غير مؤكدة، وهل كان بدافع إرهابي، أم أنه نتيجة لاضطراب نفسي يعاني منه منفذه. وذكرت صحيفة "بيلد أم زونتاغ" الألمانية تفاصيل جديدة عن أحمد ع. (26 عاما)، وهو فلسطيني مولود في الإمارات، وجاء إلى ألمانيا عام 2015، وقدم طلبا للجوء تم رفضه، والذي نفذ الجمعة 28 / 07 / 2017 هجوما بسكين في هامبورغ؛ فقتل شخصا وأصاب سبعة آخرين، بعضهم حالته خطيرة، قبل أن تتم السيطرة عليه واعتقاله.
وقالت الصحيفة إن زبائن كثيرين كانوا في متجر "إدِكا" للمواد الغذائية، في شارع "فولسبوتلر" بحي "بارمبك"، حيث كانوا يتسوقون لأجل عطلة نهاية الأسبوع. وفي حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر، سحب أحمد ع. سكين مطبخ، طول نصله 20 سم، من أحد الرفوف في المتجر وأخرجه من علبته ثم بدأ بالهجوم على أقرب شخص منه فطعن ماتياس ب.، في العقد السادس من عمره، بطريقة وحشية أدت إلى مقتله. ثم توجه إلى رجل ثان وأصابه أيضا بجروح خطيرة، ثم توجه إلى باب الخروج وطعن شابا ألمانيا عمره 19، أصيب بجروح خطيرة أيضا وخضع لعملية عاجلة.
توفيق عرب ينقذ آخرين من الهجوم
قام أحمد ع. بكل ذلك خلال ثوان معدودة، وبدأت أولى الاتصالات التليفونية بالشرطة طلبا للاستغاثة "لكن مطاردة الجاني قام بها آخرون في البداية"، حسب ما حكي توفيق عرب (21 عاما)، وهو متدرب للعمل كمحصل بمتجر إدكا.
وأضاف عرب لصحيفة "بيلد أم زونتاغ" أنه سمع أصوات زجاج يتكسر وصرخات رعب وشخصا يصيح "الله أكبر" وشاهد كيف أنه يطعن الشاب الألماني؛ فقفز من كرسيه أمام الخزينة ولا يدري إن كان أغلقها أم لا. وتابع: "أيقنت أنه لابد لي أن آخذ السكين منه وأن أمنعه من إصابة ناس آخرين".
بحث توفيق عن حجر أو عصا ليستخدمها ضد المهاجم لكنه لم يجد شيئا فجرى خلفه إلى الشارع وأخذ في تحذير المارة. وقام بدفع سيدة عجوز إلى داخل الحافلة مرة أخرى وأخذ يصيح في الركاب محذرا من النزول وقام السائق بإغلاق بابها.
قام المهاجم بمواصلة طعنه للمارة في الشارع فطعن رجلا وامرأة كانت منشغلة بدراجتها. ثم رأى توفيق عرب كيف أن الجاني طعن سيدة عجوز (64 عاما) في صدرها، فسقطت واقعة "المنظر لن يخرج بعد ذلك من عقلي أبدا"، يقول عرب.
محمد والي: الله يبغض هذه الأفعال
كان محمد والي (49 عاما)، وهو من أصل مصري، ويعمل لدى دار نشر بهامبورغ، في طريقه إلى أحد البنوك في نفس الشارع، وعندما اقترب من متجر إدكا ببضعة أمتار، رأى شخصا يخرج من المتجر مسرعا وفي يده السكين. ويحكي والي لبيلد أم زونتاع: "كنت على بعد مترين منه ورأيت يديه ملطختين بالدماء ورأيته بعيني يطعن فجأة رجلا عند المدخل، وكان يصيح الله أكبر". ويضيف والي أنه صرخ في وجه الجاني وقال له باللغة العربية "الله يبغض هذه الأفعال".
وفي لحظة اعتقد والي أن الجاني سيهاجمه بالسكين، لكن عندما اقترب ناس آخرون من المكان تشتت ذهن المهاجم، فأخذ يجري وأخذ محمد والي يجري خلفه وطعن سيدة عجوز على الجانب الآخر من الشارع "فساعدتُها لبرهة لكي تستطيع الجلوس ثم جاء شرطي"، يحكي والي.
طلب الشرطي من والي أن ينبطح أرضا، "فقلت له لقد حضرتم متأخرين، فالجاني هناك يجري وأشرت له على الإرهابي"، كما يحكي رب الأسرة، الذي لديه طفل.
لم يقف والي مكتوف الأيدي بعد قدوم الشرطي وإنما أسرع وأخذ كرسيا من أحد المطاعم وجرى وراء الجاني وقام ومعه عدد آخر من المشاة بمحاصرته "عثر الرجال على عصا حديدية وتبادلوا ضربه بها عند محطة الحافلات فسقط جريحا على الأرض"، كما يتابع والي. ثم جاءت الشرطة وأطلقت رصاصات تحذير وقُيد أحمد ع.
"لسنا أبطالا ولم نفعل سوى الواجب"
لم يكن عرب ووالي هما فقط من طارد الجاني وإنما كان هناك آخرون أيضا من بينهم التونسي الأصل جميل خريط، الذي كان يجلس في أحد المقاهي. وقال جميل، حسبما ذكر موقع "n-tv" الألماني إنه حاول أن يقنع المهاجم (بالتوقف عن فعله)، لكن المهاجم تحدث بكلام غير مفهوم "لا أدري هل كان في عالم آخر؟ ولا أعرف ما الذي دهاه"، يقول جميل صاحب الـ50 عاما، الذي يعيش في ألمانيا منذ 27 عاما. ويقول شخص ولد في ألمانيا من أصول تونسية ورفض ذكر اسمه: "آمل أن يرى الناس أن العرب ليس كلهم أشرارا".
التركي عمر أونلو، كان في سيارته عندما شاهد الجاني وشارك هو أيضا في مطاردته، وقال لبيلد إنه أخذ عصا حديدية ثم وجه للجاني ضربات حتى أسقطه، حيث أصابه في ذراعه الأيمن.
أما زونكه فيبر، وهو صاحب صالون حلاقة، فشارك معهم أيضا في المطاردة، وأخذ لوحة إعلانات من البلاستيك وتصدى بها للجاني، وقال "كراسي، حجارة، وعصي معدنية، لقد أخذنا كل ما أمكننا أخذه. وكرر الآخرون كلامهم للجاني بالعربية طالبين منه أن يترك السكين".
احتفى مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي بتوفيق وأحمد وجميل ورفاقهم وأطلقوا عليهم لقب ""أبطال بارمبك". ويرفض جميل أن يصف نفسه والآخرين بالأبطال. وينظر هو ورفاقه أصحاب تلك الملحمة إلى تصرفهم على أنه تصرف عادي وطبيعي، وقال توفيق عرب لصحيفة بيلد: "أنا لست بطلا، فأنا لم أفعل سوى واجبي".
أما محمد والي، ورغم مرور يوم على الهجوم، مازال الغضب الشديد يتملكه، وقال لمراسل "بيلد": "أكاد لا أستطيع الوقوف...ولدي آلام في البطن". ويرى محمد والي أيضا أنه ليس بطلا ويقول: "لدي طفل، فكيف لي أن أقف متفرجا بينما يقوم وغد بطعن أشخاص آخرين، بكل بساطة".
وما زال الجاني أحمد ع. قابعا في الحبس الاحتياطي ولم يدل بأية تفاصيل حول الواقعة، بحسب ما قالت رئيسة النيابة العامة في هامبورغ نانا فرومباخ. والتي أضافت "لذلك فليست هناك حتى الآن معلومات حول الدافع الفعلي (للهجوم)".
صلاح شرارة
حقوق النشر: دويتشه فيله 2017