حجب تويتر ويوتيوب مؤقتاً في تركيا.."مناورة إردوغانية"
النقاش الدائر حول موقع تويتر يهيمن عليه مستخدمو هذا الموقع. وهم يعتبرون أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ليس غير ديمقراطي فحسب، بل إنه شخص غبي أيضًا. ويقولون كذلك إنَّ محاولات فرض الرقابة على الإنترنت آلَت في آخر المطاف وبقوة مزدوجة إلى الرقيب. في الواقع إنَّ إجراءات إردوغان غير الديمقراطية واضحة لا يمكن إغفالها - بيد أنَّ مَنْ يعتقد أنَّ إردوغان أحمق ولم يكن يعرف سهولة تجاوز الحجب المفروض على موقع "تويتر"، فهو يقلِّل بذلك من شأن رئيس الوزراء التركي.
فقد أعلن إردوغان بنفسه ذات مرة عن أنَّه يعرف كيف يتعامل مع الرقابة المفروضة على الإنترنت. كذلك بات من الواضح أنَّ فرضية إقدام إردوغان على حجب موقع تويتر بسبب تحميل تسجيلات هاتفية لمكالمات تكشف عن فساده المالي، هي فرضية غير مجدية. وإذا كان إردوغان يريد في المرحلة النهائية قبيل الانتخابات البلدية في الثلاثين من شهر أيَّار/ مايو 2014 عدم السماح بظهور تسجيلات جديدة أو الحيلولة دون انتشار التسجيلات القديمة، فحينئذ لا يجب عليه إيقاف موقع تويتر وحده، بل إيقاف خدمة الإنترنت برمتها.
قد يشعر إردوغان أن الانتقادات الموجّهة لاستيائة والمنشورة على شبكة الانترنت بمثابة خيانة جماعية لشخصه؛ ولكن هل كان أعمى عن الواقع إلى حدّ أنَّه لم يكن يعرف أنَّ فرض الرقابة على شبكة الإنترنت عمل قليل الفعالية؟ هذا احتمال مستبعد.
دفاع هجومي
في الواقع تطابق أحدث مناوراته روح دفاع هجومي تتخلّل حملته الانتخابية برمتها؛ ولا يوجد فيها أي مكان للألوان المتوسطة. كما أنَّ طبقة مستخدمي موقع تويتر الشباب الأتراك سكّان المدن والحاصلين على مستوى تعليم أعلى من النسبة الوسطية، والمحقون الآن في غضبهم على الرقابة المفروضة من قبل إردوغان، لا يمثِّلون على أية حال ناخبي إردوغان التقليديين. بل إنَّ مَنْ يصوّت لصالح إردوغان هي تركيا المحافظة، أي تلك المناطق السهلية وهضبة الأناضول. وهناك لا توجد لدى العديد من الأهالي في تلك المناطق أية إمكانية للوصول إلى شبكة الإنترنت، أمَّا الأشخاص الذين يملكون ذلك، فهم لا يكتبون أية تغريدات على موقع تويتر.
وعلاوة على ذلك فإن الجماهير الواسعة في تركيا تحصل على المعلومات من وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة، والتي يدور فيها الحدث حول مؤامرة (خارجية) ضدّ تركيا. ومضمون هذا الحديث ألاَّ أحد يستطيع المحافظة على وحدة البلاد والأمة إلاَّ زعيم قوي مثل إردوغان.
وإذا قُدِّر الآن في الواقع حدوث مظاهرات جديدة ضد الحكومة التركية وأعمال عنف، فمن الممكن أن يكون حتى هذا الأمر مناسبًا لحسابات إردوغان. ومن الممكن أن تتحقَّق استراتيجية إردوغان - على الأقل في هذه المرة أيضًا.
ميشائيل مارتنس
ترجمة: رائد الباش
تحرير: علي المخلافي
حقوق النشر: فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ/ قنطرة 2014