" الضربة العسكرية لا تهدف لإسقاط النظام السوري"
عقد قبل عدة أيام اجتماع عسكري هام في الأردن يضم عدة دول عربية وغربية، في الوقت الذي بلغت فيه المشاورات بين القوى الغربية درجة عالية من التنسيق لبحث كيفية الرد على استعمال الأسلحة الكيماوية في سوريا. هل تعتقد أن العد العكسي لتدخل دولي في سوريا قد بدأ فعلا؟
خطار أبو دياب: أعتقد أننا أمام عد عكسي، ولكن ليس لتدخل عسكري، وليس لسيناريو شبيه بالبوسنة وكوسوفو من خارج مجلس الأمن. نحن أمام تحضيرات ربما للقيام بضربة عسكرية محدودة تشكل رسالة تحذير للنظام السوري كي لا يستمر في استخدام الأسلحة الكيميائية، وربما أيضا رسالة إلى رُعاة النظام أي روسيا وإيران تحديدا، حتى يقبل هذا النظام بالحل السياسي وفق شروط متوازنة.
بالنسبة لاجتماعات الأردن فهي تُعقد منذ ربيع عام 2012، حيث أُجريت مناورات عسكرية مهمة تحت اسم "الأسد المتأهب"، الهدف منها السيطرة على الأسلحة الكيماوية في سوريا. وإذا زادت الأمور عن حدها، قد يتم إرسال وحدات خاصة من أجل السيطرة على هذه المواقع ومنع انتقال هذه الأسلحة إلى تنظيم القاعدة أو تنظيمات متطرفة أخرى، أو إلى حزب الله وأنصاره.
استعمال السلاح الكيماوي في الغوطة يشكل منعطفا في الصراع السوري، لأنه استعمال على نطاق كبير، ثم إن صدقية الرئيس أوباما أصبحت على المحك، وبالتالي لابد من جواب ما. ورغم ردود الفعل المحذرة لروسيا وإيران فإن الدولتين تعلمان أنه لم يعد بإمكان الولايات المتحدة السكوت. لكن السؤال يبقى مطروحا، هل يكتفي أوباما بإرسال أسلحة نوعية للمعارضة أو يقوم بضربة محدودة، هذا ما ستكشف عنه الأيام القليلة القادمة.
وهل تعتقد أن تدخلا من هذا النوع ممكن الحدوث، حتى دون تفويض من مجلس الأمن الدولي، نظرا للفيتو الروسي والصيني المحتمل؟
خطار أبو دياب: لا أعتقد أنه سيكون هناك تدخل عسكري بمعنى نزول قوات برية على الأرض، فقد تُستعمل الصواريخ لضرب مواقع معينة، أو إرسال طائرات في عملية محدودة لا تستغرق إلا ساعات. وهي عملية قد تشبه عمليات عسكرية قامت بها إسرائيل ضد مواقع في جبل قاسيون في شهر مايو/ أيار الماضي، أوعملية أخرى في اللاذقية في تموز/ يوليو ولم يستدع ذلك ردا لا من النظام السوري ولا من إيران ولا من حزب الله أو روسيا، بالرغم من قرب القاعدة العسكرية الروسية من المواقع التي استهدفت.
إن في عملية محدودة كهذه اختبار للقوة، والسؤال هو، هل سترد إيران وروسيا على ذلك ويتحول الصراع إلى صراع إقليمي - دولي. أستبعد ذلك، فهناك قدرات تعطيل، لكن هناك احترام لموازين القوى بين الأطراف المعنية. وواشنطن تعلم جيدا، أنه من أجل تسهيل حل سياسي لاحقا، أو من أجل التعاون في الملف النووي الإيراني لابد لها من حد أدنى من استمرار العلاقة مع روسيا
حسنا، لنعود إلى مبررات تدخل عسكري محتمل. بريطانيا نفسها تقول إن أدلة استعمال أسلحة كيماوية قد تكون دُمرت، هل سيتمكن فريق التحقيق الدولي بشكل قاطع من جمع أدلة تثبت استعمال النظام السوري للسلاح الكيماوي؟
خطار أبو دياب: القضيتان السورية والعراقية متباعدتان، ولو أن البعض يسعى للربط بينهما. إدارة أوباما عملت كل ما في وسعها للابتعاد عن النزاع السوري، وليست لديها أي رغبة لإرسال جنود أمريكيين إلى سوريا، إذن لا يمكن مقارنة ما لا يقارن. ثانيا من ناحية استخدام السلاح الكيماوي، حصل ذلك في خان العسل بالقرب من حلب وفي أماكن أخرى، واستدعى الأمر أشهرا من التفاوض حتى قبل النظام السوري، بضغط روسي، استقبال محققين دوليين.
وهناك صور لأقمار صناعية أظهرت كيف أرسلت صواريخ من فوجين تابعين للفرقة الرابعة. وهناك منظمات محايدة ك"أطباء بلا حدود" تمكنت من معاينة عشرات الإصابات بالكيماوي، وهناك أيضا عناصر من قوات خاصة أجنبية على الأرض تراقب الوضع عن قرب. لذلك لا يمكن لأوباما أن يكرر خطأ سلفه بوش في العراق. ثم إن الأمر لن يكون تدخلا عسكريا وإنما في أحسن الأحوال ضربة عسكرية محدودة لا تستهدف إسقاط النظام، وإنما توجيه رسالة قوية له لتسهيل الحل السياسي لاحقا.
معنى ذلك أن ضربة من هذا النوع لن تغير موازين القوى على الأرض بين المعارضة المسلحة وقوات الأسد؟
خطار أبو دياب: لا أعتقد ذلك، لأن أي تغيير لموازين القوى على الأرض سيستدعي ردا روسيا وإيرانيا. في الماضي كانت واشنطن وحلفاؤها يتحدثون عن ضرورة رحيل الأسد وأن أيامه باتت معدودة. هذه اللغة اختفت اليوم، وإن كان الكل يعلم أن انتصار الأسد غير ممكن.
كما أن القوى المناهضة للأسد لا تبدو إلى اليوم مؤهلة لخلق البديل. هناك رهان على حل وسط ثالث عبر تنسيق بين ضباط من الجيش السوري وعناصر نظيفة من المعارضة كما تقول الأوساط الغربية. فهل ستعجل التطورات الحالية بإنتاج حل وسط يحافظ على الدولة السورية؛ حل لا يشكل هزيمة لأي مكون أكثري أو أقلي، هذا هو السؤال المطروح اليوم.
أجرى الحوار: حسن زنيند
تحرير: فلاح آل ياس
حقوق النشر: دويتشه فيله 2013