لماذا تقف إيران إلى جانب روسيا في حربها ضد أوكرانيا
بحسب تقرير صدر عن وكالة الأنباء الإيرانية فارس نيوز فقد أجرى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في الخامس والعشرين من شباط/فبراير (2022). وفي هذه المحادثة الهاتفية قال إبراهيم رئيسي - بحسب هذا التقرير - إنَّ الوضع في أوكرانيا متوتِّر "بسبب توسُّع حلف الناتو شرقًا" وهذا "يشكِّل تهديدًا جادًا لاستقرار الدول المستقلة وأمنها في مناطق مختلفة". وأضاف التقرير أنَّ إبراهيم رئيسي أعرب عن أمله في أن ينتهي التدخُّل الروسي الآن لصالح المنطقة كلها.
وقد قال إبراهيم رئيسي - في إشارة إلى مفاوضات إيران النووية الجارية حاليًا مع الغرب في فيينا - إنَّ إيران تسعى إلى اتفاق دائم بضمانات أمنية وإنهاء "الشعارات السياسية" وَ "نهاية حقيقية" للعقوبات المفروضة على إيران.
وبحسب وكالة فارس نيوز فقد قال له بوتين في هذه المكالمة الهاتفية إنَّ الأزمة الحالية هي إجابة مبرَّرة على عقود من العداء الغربي وجهوده من أجل الإضرار بأمن بلاده. وأضاف التقرير أنَّ بوتين أشار إلى تعاون إيران الثنائي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وشدَّد على ضرورة استمرار هذا التعاون. وقد وجدت هذه المحادثة الهاتفية صدًى واسعًا في الصحافة الإيرانية.
فقد كتب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في تغريدة على موقع تويتر أنَّ "أزمة أوكرانيا جذورها في استفزازات الناتو. نحن نعتقد أنَّ الحرب لا يمكن أن تكون هي الحلّ. ويجب وقف إطلاق النار والتركيز على حلّ سياسي وديمقراطي". وقد أمر وزيرُ الخارجية الإيراني سفيرَ بلاده في كييف خلال اتصال هاتفي معه بالاطلاع على أوضاع الإيرانيين في أوكرانيا والاهتمام بسلامتهم أو بالأحرى تمكينهم من مغادرة أوكرانيا.
وقد عبَّر المتحدُّث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، عن أسفه لبدء العمليات العسكرية وتصعيد الصراع، وقال إنَّ جمهورية إيران الإسلامية تتابع ببالغ القلق التطوُّرات في أوكرانيا: "من المؤسف أنَّ توسُّع حلف الناتو شرقًا، والذي انطلق من الولايات المتَّحدة الأمريكية، قد أدَّى إلى جعل منطقة أوراسيا الآن مشرفة على أزمة شاملة".
وحتى خطباء الجمعة في إيران تناولوا في خطبهم موضوع هجوم روسيا على أوكرانيا. من المعروف أنَّ خطباء الجمعة يخضعون لرئيس الدولة آية الله علي خامنئي وعادةً ما يتم تحديد موضوعات خطبهم مركزيًا في طهران. ومهمتهم طرح القضايا السياسية والاجتماعية الراهنة في خطبهم بالإضافة إلى الصلاة. وقد كان مضمون خطبة يوم الجمعة السابقة هو: الولايات المتَّحدة الأمريكية تتحمَّل المسؤولية عن غزو روسيا لأوكرانيا. وهكذا ينقل الخطباء في صلاة الجمعة وجهة نظر الحكومة إلى الشعب.
"وكأنَّ إيران مستعمرة روسية"
ومع ذلك فإنَّ تحليل القوى المعتدلة والإصلاحية السياسي في جمهورية إيران الإسلامية يبدو مختلفًا. فعلى سبيل المثال، قال المحلل السياسي صادق زيباكالام عن غزو الجيش الروسي لأوكرانيا إنَّ النظرة إلى العالم السائدة والمناهضة للغرب في إيران تؤدِّي إلى "أنَّنا جميعنا وضعنا بيضنا في سلة روسيا-الصين ونتمنى بحكم الضرورة أن تبقى روسيا والصين في حالة حرب مع الغرب. ومن المحزن جدًا أنَّ رفاهنا وازدهارنا يعتمدان على العداء والحرب بين الشرق والغرب".
وقبل ثلاثة وأربعين عامًا كان الناس في إيران يعتقدون أنَّهم سيشهدون قريبًا ولادة نظام عالمي جديد، مثلما أضاف هذا الباحث المشهور: "كنا نعتقد أنَّ جميع دول العالم - في الشرق والغرب - ستصطف في طابور لتقلدنا. والآن وصلنا إلى الحضيض لدرجة أنَّنا بتنا نصلي وندعو الله أن تهاجم روسيا أوكرانيا وتتقاتل الصين مع الولايات المتَّحدة الأمريكية على تايوان أو أن يدخل الاتِّحاد الأوروبي في أزمة. وباختصار، نحن نريد أن يغرق العالم كله في حالة بؤس حتى نستطيع الاستفادة من ذلك".
وقد كتب في بيان النائبُ البرلماني السابق علي مطهري، الذي يعتبر إسلاميًا معتدلًا، أنَّ التلفزيون الرسمي الإيراني يردِّد موقف الحكومة الروسية الرسمي "وكأنَّ إيران مستعمرة روسية".
يعمل شهرام فتاحي باحثًا اقتصاديًا واجتماعيًا في جامعة الرازي في مدينة كرمانشاه الكردية. وحول الغزو الروسي لأوكرانيا قال لموقع ساعدنيوز الأخباري الإيراني: يجب على مَنْ ينتظر هجوم حلف الناتو على روسيا أن يأخذ في عين الاعتبار أنَّ الغرب لن يرسل أية قوَّات إلى أوكرانيا. "لقد قاموا بإجلاء مواطنيهم من أوكرانيا من أجل تجنُّب أية مواجهة عسكرية مع روسيا".
وأضاف أنَّ الغرب لا توجد لديه مصلحة في مواجهة روسيا في هذه الحرب، وأنَّ روسيا لا يقلقها عدم تمكُّنها من بيع الغاز والنفط للغرب: فقد وافقت الصين على الشراء عوضًا عن الغرب؛ وأنَّ الخيار الوحيد المتبقي أمام الغرب هو إمداد الجيش الأوكراني المتعب بالأسلحة، بحسب قول شهرام فتاحي: "لكن نظرًا إلى تقدُّم الجيش الروسي السريع فإنَّ ذلك سيكون مفيدًا بقدر محاولة تجبير العظم المكسور بشريط لاصق".
وقد نصح شهرام فتاحي بعدم الانحياز لطرف ما وبعدم دعم العدوان الروسي: لأنَّ هذا "يرتبط بتكاليف باهظة، ستكون بحسب رأيي مرتفعة جدًا بالنظر إلى قدرات بلدنا الحالية". وأوصى بتبنِّي "وجهة نظر واقعية وحذرة"، وقال: "الكلُّ يعلم أنَّ روسيا لم تكن قَطُّ حليفًا استراتيجيًا لنا. والأولوية هي المصالح الوطنية لحكومة جمهورية إيران الإسلامية".
نسرين بصيري
ترجمة: رائد الباش
حقوق النشر: ايران ژورنال / موقع قنطرة 2022