"الجهاديون لن يقرروا مصير سوريا بعد الأسد"
كيف تقرؤون هذا التسويف في قضية التدخل العسكري في سوريا، فبعد ما كان متوقعاً أن تتم العملية السبت الماضي، صوت مجلس العموم البريطاني ضد التدخل، وقرر أوباما طلب تفويض الكونغرس؟
بعد مجموعة من التجارب المؤلمة، سواء في أفغانستان أو العراق أو غيرها من المناطق، التي حدث فيها تدخل وكانت نتائجه سلبية بشكل كبير، أصبح لدى الغرب عقدة من هذه الحروب. في الوقت نفسه الغرب لديه قواعد إنسانية وأخلاقية وقواعد قانونية في اتخاذ القرار، فأحياناً حتى لا يتحمل رئيس دولة معينة مسؤولية حرب كهذه ومسؤولية عواقبها، ويعرض الأمر على البرلمان حتى لو كان من صلاحياته الدخول في الحرب كما حدث في العراق وفي البوسنة وعدة مناطق أخرى.
ذكرت مثالي العراق وأفغانستان، وهما مثالان مريران. أليس لديكم تخوف من عواقب هذه الضربة العسكرية وما قد يليها من مشاكل مشابهة لما حصل في العراق أو أفغانستان؟
على ما يبدو سيكون هناك ضربة جوية أمريكية عبر صواريخ الكروز أو من خلال الطائرات، ولا يوجد تدخل بري، لذلك لا أعتقد أن ما حدث في العراق أو أفغانستان قد يتكرر في سوريا، إذا لم تدخل قوات برية أجنبية إلى الأراضي السورية.
هناك تردد واضح لدى الغرب يعزيه البعض إلى وجود جماعات جهادية متطرفة، ما موقفكم من هذه الجماعات؟
هناك أمران مهمان فيما يتعلق بقضية الجهاديين. أولاً، إلى أن تنتصر الثورة ويسقط النظام يجب أن تكون كل البنادق موجهة إلى النظام. الآن لا وقت لبحث هذه الأمور. بعد سقوط النظام أعتقد أن كثيراً من هذه القوى، لاسيما وأن قياداتها من خارج سوريا، لن يكون لها أي حضور في الشأن السوري، لأن المبرر الرئيسي لحضورها هو دعم قوى الجيش الحر لإسقاط النظام. وبالتالي نحن نشكرها لمساعدة الشعب السوري، ولكن عليها أن تعود إلى بلادها حال سقوط النظام.
الأمر الثاني هو أن أكثر الملتحقين بالجماعات الجهادية ليسوا على هذا التطرف الموجود لدى القيادات، هم سوريون وسيعودون إلى حضن سوريا كما قبل الثورة. وبالتالي هذه الكيانات لن يكون لها مستقبل بعد سقوط النظام. ونأمل أن نصل إلى حلول جيدة من خلال الحوار.
أكثر من مرة أكد بعض قادة هذه الجماعات الجهادية على أنهم يرفضون الديمقراطية، وأن المواجهة مع الجيش الحر قادمة. هل أنتم مستعدون لهذه المواجهة؟
أعتقد أن من يتكلم بهذه اللهجة هم من خارج سوريا.
ولكنهم موجودون على الأراضي السورية!
صحيح، ولكنهم ليسوا من القيادات السورية، وجزء كبير من القاعدة الشعبية المحيطة بهم هي بعكس هذا التوجه. ولا تريد أن يكون هناك صدام مع الجيش الحر.
يعني في حال أصروا على المواجهة. هل أنتم مستعدون لها؟
نحن نحاول دفع هذا الأمر ما أمكن. وأنا أعتقد لن تحدث المواجهة بعد سقوط النظام، فنحن لدينا ترتيبات لتشكيل حكومة مؤقتة وشرطة وجيش وطني لاستتباب الأمن ومحاكم لإقامة العدل، لذا لن يكون هناك مبرر لوجود هذه القوى خاصة إذا كانت من خارج الحدود ولا تتمتع بقاعدة على المستوى الشعبي.
هل تتوقع أن يفضي هذا التأجيل للضربة العسكرية إلى حل سياسي في الأيام القليلة المقبلة؟
إذا اقتنع الروس في تغيير موقفهم من النظام وإيجاد مخرج سياسي للموضوع بتنحي الأسد، أظن أنه من الممكن الوصول إلى حل سياسي وسلمي، ونأمل في هذا الحل قبل توجيه الضربة، التي لم نكن لنريدها لو لم يعتدِ الأسد على المدنيين بالسلاح الكيماوي. الحل السياسي يكون بتنحي الأسد وإيجاد مؤتمر وطني عام يشترك فيه الجميع.
سوريا اليوم مدمرة تماماً، ربما مثل ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. كيف تنظرون إلى مستقبل إعادة إعمار سوريا؟
سوريا فيها 23 مليون نسمة، فيها قوى عاملة وطاقات بشرية كبيرة. وفيها إمكانات اقتصادية جيدة. النفط الذي كان الأسد، لا يفصح إلا عن نصفه، والغاز والقمح، أي هناك آفاق استثمارية جيدة. وأنا أوكد على أهمية الاعتماد على المشروع الوطني المشترك واستثمار إمكانات سوريا الذاتية لإعادة الأعمار
هل ستتلقون معونات خارجية؟
بالتأكيد. من أشقائنا في دول الخليج، وكذلك من أصدقاء الشعب السوري. هنا في ألمانيا نحن الآن بصدد التعاون لإعادة أعمار سوريا.
وعلى مستوى إعادة الإعمار البشري. ما هو مستقبل المصالحة الوطنية في سوريا؟
الحوارات الوطنية تتوصل إلى حلول معقولة ومقبولة بالنسبة للجميع. لا شك أن هناك مأساة كبيرة حصلت. لكن هناك دول أخرى عاشت مآسي مشابهة وتوصلت في النهاية إلى حلول مشتركة من خلال الحوار، مثلاً جنوب إفريقيا أو البوسنة. أي في النهاية من خلال الحوارات المشتركة وعرض ما يمكن التوصل له على استفتاء شعبي لحل المشكلة بشكل جذري يمكن الوصول إلى حلول مشتركة معقولة.
ماذا تأملون من جانب الحكومة الألمانية؟
قد لا يكون دور ألمانيا كبيراً في إطار العمل السياسي الحالي أو العمل العسكري الموجود على الأرض، بسبب ما يقيد ألمانيا من قوانين ومحددات. لكن بالنسبة لإعادة الأعمار وبناء الاقتصاد السوري ربما يكون لألمانيا دور مهم إن لم يكن الدور الأول في المرحلة المقبلة.
حاورته: ميسون ملحم
تحرير: حسن ع. حسين
حقوق النشر: دويتشه فيله 2013
محمد فاروق طيفور هو نائب رئيس الائتلاف المعارض و نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، ويشغل أيضا منصب نائب رئيس المجلس الوطني السوري المعارض ويعتبر الشخصية القوية في المعارضة السورية.