"برلين تغير العرب، العرب يغيرون برلين"
نظّمت مؤسسة ابن رشد للفكر الحر في الرابع والعشرين من شهر أبريل الماضي محاضرة بعنوان "العرب يغيّرون برلين، برلين تغيّر العرب"، بمناسبة إصدار كتاب جديد بعنوان "عرب برلين: ديناميات التحول" ((Arab Berlin: Dynamics of Transformation والصادر عن دار نشر Transcript Verlag, Bielefeld
وقامت الباحثة ناهد سمور والمدون وخبير الأمن السيبراني محمود سالم بتقديم الكتاب، الذي يعتبر إضافة هامة للقارئ الألماني والعربي، حيث يتناول تحديات واقعية في مفاهيم الوطن والانتماء والقانون، مع التركيز على فك الرؤية الثنائية للشرق والغرب وتحديات التعامل مع الثقافات والقيم المختلفة.
يستند الكتاب إلى منظوري الديكولونيالية وما بعد الاستعمار، يهدف إلى استكشاف مظاهر ممارسة قيم الحداثة الغربية في المجتمعات الغربية، انطلاقًا من برلين وأثرها على القادمين من شمال أفريقيا وشمال أفريقيا. ويناقش مفاهيم الهوية والانتماء، والوطن متحدياً التقسيم الثنائي بين الشرق والغرب. ويعد الكتاب عملًا رائدا، كونه الأول الذي يتناول مفهوم العرب بشكل مغاير للصورة النمطية التي تضع العرب تحت مفهوم "المسلمين" بشكل عام.
ويحاول الكتاب تفكيك التصوير والمخيال الغربي لـ صورة ومفهوم "العرب" من خلال إدماج مجموعة متنوعة من الفئات والأفراد التي تعود أصولها لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ممثلة مختلف الأديان والإثنيات والخلفيات الاجتماعية والتعليمية والجندرية. يتم ذلك من خلال تقديم مزيج من النصوص النظرية والتحليلية، والمقابلات، وكتالوج للصور لهؤلاء الأفراد والجماعات وآمالهم وتحدياتهم المختلفة في حياتهم اليومية في برلين من منظورات سياسية وفلسفية واجتماعية وقانونية وفنية وإعلامية وأدبية. تصور هذه الرؤى الشخصية والتحليلية لمدى تأثير حضور العرب في الوضع الثقافي والسياسي في برلين وكذلك تأثرهم بالثقافة الألمانية والسياق الإعلامي والسياسي السائد.
من خلال هذه الرؤى المتعددة والحوار بين التخصصات وحتى الشخصيات في المقالات يسعى الكتاب لتحقيق مبتغاه الأساسي وهو الحرص على التعددية والاعتراف بالاختلاف وحرية التعبير كما جاء في مقدمة الكتاب، والتي قدمتها المشرفتان على إعداد الكتاب بروفيسور حنان بدر والدكتورة ناهد سمور. جاء في التقديم أن المزج في الرؤى والأجناس للمقالات يدعم فكرة أن الكتاب يعد بمثابة تمكين للأفراد للتعبير عن آرائهم ومشاعرهم بحرية بدلا عن التحدث نيابة عنهم.
مثقفون عرب "يؤسسون برلين" المستقبل
عند التفكير بالعرب في برلين يتذكر ألمان ما يبرز بالإعلام عن "عشائر عربية إجرامية" فيها رغم أنها موطن لمشهد ثقافي عربي مفعم بالحياة. فهل تنشأ ببرلين "نحن" جديدة لها صداها بالعالم العربي؟ استتباع دنيا رمضان.
في بداية المحاضرة، التي عقدت لتقديم كتاب "عرب برلين : ديناميات التحول" ، قدّمت السيدة كورا يوستينج، رئيسة مؤسسة ابن رشد للفكر الحر، نشاطات المؤسسة وأهدافها، وتلا ذلك عرض مختصر للكتاب قدمته كاتبة هذا المقال، الباحثة في الدراسات الأدبية والثقافية وعضو مجلس ادارة مؤسسة ابن رشد للفكر الحر أماني الصيفي.
في الجزء الثاني من المحاضرة، قدّمت د. ناهد سمور، الباحثة في القانون والدراسات الإسلامية بجامعة هومبولت في برلين، نظرة عامة على محتويات الكتاب، مركزة على استخدام صورة "العرب" والقانون في برلين وتأثيرها على مختلف الجوانب السياسية والثقافية والاقتصادية، واستعراض الطاقات المتنوعة التي قد تهدر للمواطنين من أصول عربية بسبب الصورة النمطية المتبادلة بينهم وبين الثقافة الألمانية يدعمها الإعلام والقانون تراه فئة.
كما شارك في تقديم المحاضرة المدون والناشط المصري البارز محمود سالم، الذي تناول تجاربه الشخصية و تأملاته حول تحديات التكيف مع الثقافة الألمانية، وأثرها على تبني قيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية في الوطن العربي بعد الربيع العربي، ودور السياسيين الغربيين في تقويض هذه القيم ودعم النظم الدكتاتورية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما ركز سالم على أهمية الحوار سواء على المستوى الفردي أو الجامعات والمؤسسات للتعرف الجاد على كل الفئات والثقافات المشكلة للمجتمع والاستفادة منها وممارسة قيم الحداثة الغربية وخصوصا فيما يخص الالتزام بتحقيق العدالة الاجتماعية، حرية التعبير والديمقراطية.
شهدت المحاضرة حضورا وتفاعلا كبيرا من الألمان والعرب من مختلف الجنسيات، حيث تم طرح العديد من الأسئلة حول مفهوم التحولات في الهوية و معنى الانتماء والتعددية الثقافية والقانون الألماني والموقف الرسمي من الحرب على غزة وأثرها على حرية التعبير في برلين.
أماني الصيفي
حقوق النشر: قنطرة 2024
ما بعد حرب غزة والمجتمع المدني في مصر
الشرخ العميق، الذي أحدثته الحرب في غزة، بين منظمات حقوق الإنسان في العالم العربي والحكومات الغربية، يتعلق بمصداقية المانح الغربي، لكنه ينسحب بالتبعية على متلقي التمويل من مؤسسات المجتمع المدني. تعليق شادي لويس