"تعطل أجهزة استشعار الأخلاق الألمانية فجأة حين يتعلق الأمر بإسرائيل"

صورة من: Mohammed Huwais/AFP - خرج في الخامس من كانون الثاني/يناير 2024 مئات الآلاف من اليمنيين في العاصمة اليمنية صنعاء من أجل المطالبة بوقف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة.  Eine pro-Palästinenser-Kundgebung in Jemens Hauptstadt Sanaa am 5. Januar
خرج في الخامس من كانون الثاني/يناير 2024 مئات الآلاف من اليمنيين في العاصمة اليمنية صنعاء  من أجل المطالبة بوقف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة. صورة من: Mohammed Huwais/AFP

كانت ألمانيا مثالا نموذجيا للعالم العربي ولكن هذا تغير منذ لم يُسمَع أي احتجاج للسياسيين الألمان على قتل جيش إسرائيل لآلاف المدنيين الفلسطينيين بقطاع غزة في حربه ضد حماس. تعليق الباحث عمرو علي لموقع قنطرة.

الكاتب، الكاتبة : Amro Ali

كان يوجد دائمًا ميثاق نادر وغير معلن بين ألمانيا والعالم العربي وهو متجسِّد في أن استياء العرب من الدعم الألماني لإسرائيل أقل من استيائهم من دعم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لإسرائيل، وهذا يعود أيضًا إلى الرأي المنتشر لدى العرب المفيد بأنَّ ألمانيا لا تستطيع فعل شيء آخر بسبب ذنبها التاريخي تجاه اليهود.

وقد كانت الحكومات العربية وشعوبها تنظر نظرة ودِّية إلى ألمانيا، فألمانيا كان بإمكانها الاعتماد على كونها لم تستعمر بلادًا عربية قطّ، كما أنَّ ماضي ألمانيا المظلم تجاوز العالم العربي ولم يمسَسْهُ - باستثناء غزو شمال أفريقيا في الحرب العالمية الثانية. وحين لم يكن العرب راضين عن ألمانيا الغربية فقد كانت ما تزال توجد جمهورية ألمانيا الديمقراطية الشرقية وكان بإمكانهم أن يحبُّوا ألمانيا التي يختارونها.

وقد بقي الوضع كهذا حتى في ألمانيا المُوَحَّدة. وكذلك رحَّب العرب بحقيقة أنَّ برلين قد رفضت المشاركة في الحرب على العراق في عام 2003. وقد زاد منظر الترحيب باللاجئين السوريين في محطات القطارات الألمانية في عام 2015 من محبة الجماهير العربية لألمانيا بعد أن رأى العرب فيها الاختلاف عن سوء معاملة حكوماتهم للسوريين.

صورة من: Mohammed Talatene/picture alliance/dpa  - فلسطينيون ينتظرون في جنوب قطاع غزة من أجل الحصول على طعام من مُتبرِّعين. palastinenser-warten-im-sudlichen-gazastreifen-auf-lebensmittelspenden.jpg
فلسطينيون ينتظرون في جنوب قطاع غزة من أجل الحصول على طعام من مُتبرِّعين. أدَّت الحرب في قطاع غزة إلى قتل آلاف المدنيين وتشريد نحو مليوني شخص من منازلهم. صورة من: Mohammed Talatene/picture alliance/dpa

مرسيدس ومعهد غوته وسيَّاح متجوِّلون

وكان العرب يشاهدون ألمانيا من خلال سيَّاراتها المرسيدس المكتظة في شوارع الكويت ومن خلال معهد غوته البارز بين أشجار الإسكندرية ومن خلال سيَّاح ألمان متجوِّلين ولطفاء يسيرون في جبال لبنان وعلى ظهورهم حقائبهم. أمَّا صعود اليمين المتطرِّف في ألمانيا فنادرًا ما كان يُلاحظ في الدول العربية.

ثم حدثت المجازر المروِّعة وعمليات الاختطاف التي قامت بها حماس في السابع من تشرين الأوَّل/أكتوبر 2023، وبدأت إسرائيل ردَّها بقصفها قطاع غزة كله وتجويع سكَّانه وقتل الآلاف من المدنيين وتشريد نحو مليوني شخص من منازلهم، ليتَّضح بسرعة أنَّ هذه الحرب قد تجاوزت الدفاع عن النفس، وفقدت ألمانيا كلَّ ميِّزاتها بسبب دعمها الأحادي الجانب لإسرائيل المتناقض بشكل صارخ مع الواقع ومبدأ التعاطف الإنساني. 

وبينما لا تشيد وزارة الخارجية الألمانية على وجه التحديد بالإجراءات "الإنسانية" التي تتَّخذها إسرائيل في قطاع غزة، فإنَّها تصف هذه الحرب الكارثية التي قُتل فيها آلاف الأطفال بـ"أحداث الشرق الأوسط" وكأنَّما الأمر لا يتعلق بأي شيء أكثر من مجرَّد حدوث تأخير في مواعيد القطارات الألمانية.

ما من شكّ في أنَّ عمليات القتل والاختطاف التي نفَّذتها حماس في السابع من تشرين الأوَّل/أكتوبر 2023 هي أعمال بغيضة تستحق الشجب وغير مُبَرَّرة، وكذلك يجب ألَّا يكون التعاطف مع الضحايا الإسرائيليين مشروطًا أو مرفوضًا بسبب تاريخ معاناة الفلسطينيين.

ولا بدّ في الوقت نفسه من أن نُوضِّح أنَّ الحديث عن السياق لا يعني تبرير نتائجه، فحماس تعتبر أوَّلًا وقبل كلِّ شيء نتيجة الاحتلال وأيديولوجيتها تتغذى على عمليات التهجير والسلب والعنف التي يعيشها الفلسطينيون يوميًا منذ عام 1948. وإذا تم القضاء على حماس فسيحلُّ محلها شيءٌ آخر طالما لا يوجد سلام عادل. 

من المعروف أنَّ حماس تُجَنِّد الكثير من أعضائها من بين الأيتام الذين كان لا بدّ لهم من مشاهدة كيف تقتل إسرائيل آباءهم وأُمَّهاتهم. كما أنَّ مسلحي تنظيم أيلول / سبتمبر الأسود الفلسطينيين -الذين نفَّذوا في عام 1972 مذبحة قُتل فيها الرياضيون الإسرائيليون المشاركون في دورة الألعاب الأولمبية في ميونيخ- كانوا أيتامًا يتَّمتهم الحروبُ الإسرائيلية السابقة. وإسرائيل تخلق الآن جيلًا جديدًا من الأطفال الأيتام.

Here you can access external content. Click to view.

سيناريو حدوث "نكبة" ثانية واقعي جدًا

الفلسطينيون يموتون بالآلاف وسيناريو تدمير قطاع غزة كله مع التشريد الجماعي القسري -أي مع حدوث "نكبة" ثانية- يعتبر واقعيًا جدًا. وهذا يثير قلق خبراء معروفين يتحدَّث بعضهم عن حدوث إبادة جماعية، في حين أنَّ السياسيين الألمان يهتمون بنقاط خطابية تستفزُّهم ويفرضون رقابة على هُتاف "فلسطين حرّة" ويجعلون الفلسطينيين يدفعون حتى يومنا هذا ثمن ماضي أوروبا الدموي وذلك من خلال سماحهم لإسرائيل بتجاوُز كلِّ شيء مع الإشارة إلى ذنب ألمانيا التاريخي.

لقد قطعت ألمانيا مؤخرًا تمويل برنامج مكافحة الاتجار بالبشر لدى مركز المساعدة القانونية للمرأة المصرية لأنَّ مديرته عزة سليمان ترفض الحرب الإسرائيلية في غزة، علمًا بأنَّ السيِّدة عزة سليمان قد تم تكريمها في عام 2020 بمنحها الجائزة الفرنسية الألمانية لحقوق الإنسان وسيادة القانون.

وكذلك أوقف حسام بهجت -وهو مؤسِّس ومدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية- التعاون في مشاريع مع الحكومة الألمانية لأنَّ "موقف برلين تجاه الحرب في غزة يجعل مساحات القيم المشتركة بين ألمانيا وبين الحقوقيين والنسويين والإعلام المستقل في مصر محل شك كبير".

وحاليًا تخسر ألمانيا في جميع أنحاء العالم العربي حلفاء كانوا يعتبرون أنفسهم حتى هذا الوقت جزءًا من مجتمع قيم مشتركة ملتزم بحقوق الإنسان.

لقد كان من الواضح منذ فترة طويلة أنَّ النظام الليبرالي والقانون الدولي غالبًا ما يستخدمان معايير مزدوجة. وكان من السهل خلال الأيَّام الأولى من غزو فلاديمير بوتين لأوكرانيا مقارنة هذا الغزو بفلسطين المحتلة، ولكن الرد على ذلك كان نظرات صامتة صمتًا كشف عن الكثير.

صورة من: AFP - فتاةٌ فلسطينية تحاول العثور في القمامة على شيء يمكن الاستفادة منه - مدينة خان يونس قطاع غزة. Ein palästinensisches Mädchen durchsucht den Müll, Khan Juni, Gazastreifen
"يجب أن تكون الصيغة بسيطة: حياة الفلسطينيين مُقدَّسة تمامًا مثل حياة اليهود، وحياة اليهود مُقدَّسة تمامًا مثل حياة الفلسطينيين. ويجب أَلَّا يكون الإيمان بذلك والتعبير عنه والعمل بموجبه أمرًا صعبًا للغاية"، كما يكتب عمرو علي. تُشاهَد في الصورة فتاةٌ فلسطينية تحاول العثور في القمامة على شيء يمكن الاستفادة منه - مدينة خان يونس قطاع غزة. صورة من: AFP

قضية معايير مزدوجة

لا يمكن تحمُّل هذه المعايير المزدوجة: فقد أيَّدت ألمانيا في حالة غزو بوتين أوكرانيا إرسال الأسلحة لمقاومة احتلال غير قانوني بينما يُقدِّم الساسيون الألمان في الحالة الثانية الدعم العسكري والاقتصادي والمعنوي لدولة احتلال تواصل احتلالها غير القانوني للأراضي الفلسطينية. وفي أحسن الأحوال يُذكِّر الساسيون الألمان إسرائيل أحيانًا بالالتزام بالقانون الدولي - ولكن من دون أية نتيجة. وغالبًا ما يسري في ألمانيا عندما يتعلق الأمر بالاحتلال الإسرائيلي واقعٌ بديلٌ يجعل الإنسان يفقد عقله.

والآن ونظرًا إلى الدعم الغربي لجرائم الحرب الإسرائيلية الصارخة في غزة فإنَّ آخر مظهر من مظاهر العالمية قد تحطَّم. لقد دوَّن الحكَّام المستبدُّون ملاحظاتهم وهم مستعدُّون لاستخدام الأحداث الحالية كذريعة في المستقبل. 

يُعتبر ردُّ الفعل الغربي على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة بمثابة هدية غير مُستحقة للرئيس الروسي فلاديمير بوتن، وهكذا لن يستمع قريبًا بعد الآن أي أحد في جنوب العالم أيضًا إلى إصرار السياسيين الغربيين على القانون الدولي.

لقد كان لديّ انطباع بأنَّ الربيع العربي في عام 2011 كان تغييرًا مرحَّبًا به بالنسبة للمؤسَّسة السياسية الألمانية. وكانت مدن مثل تونس والقاهرة تُشِعُّ بالأمل وكانت تخلق لبرلين تعقيدات أقل بالمقارنة مع مدينتي رام الله وغزة. ولكن توجد هنا نقطة يتجاهلها الكثير من ممثِّلي الحكومة الألمانية، وهي على وجه التحديد أنَّ: صراع إسرائيل قد شجَّع صعود الأنظمة السلطوية العربية والأجهزة الأمنية المتنامية في المنطقة.

فقد ساهم هذا الصراع في تدمير التجارب الديمقراطية الهشة في مصر وسوريا والعراق في أواخر أربعينيات القرن العشرين وخمسينياته وأوجد الطبقات العسكرية الحاكمة التي وسَّعت سلطتها بحجة الدفاع عن العرب ضدَّ العدوان الإسرائيلي. وقد نشأت جمهورية الضباط المصرية في عام 1952 كنتيجة غير مباشرة للحرب العربية الإسرائيلية عام 1948.

ومع ذلك فإنَّ حركات الربيع العربي الاحتجاجية في عام 2011 كانت مستوحاةً أيضًا من الانتفاضات الشعبية الفلسطينية، كما أنَّ الاحتجاجات الحالية المؤيِّدة للفلسطينيين في الدول العربية تختلط أحيانًا بمطالب أخرى مثل مطالبة المحتَّجين بإنهاء فساد أنظمتهم السياسية - ولهذا السبب فإنَّ الأنظمة العربية لا تحبُّ رؤية مثل هذه الاحتجاجات.

وبهذا المعنى فإنَّ الحرِّية الفلسطينية تُمثِّل وسيلة مضادة لانعدام الحرِّية العربية. وباختصار: القضية الفلسطينية هي قضية مركزية بالنسبة للرأي العام العربي وستُحطِّم دائمًا أوهام الواهمين بإمكانية تجاهلها.

يجب الإكثار من ثقافة التذكر وليس التقليل منها

بإمكان مَنْ يجلس مع السياسيين الألمان إجراء محادثات بنَّاءة حول أية دولة عربية: من موضوع حقوق الإنسان وحتى موضوع التعليم العالي. ولكن مع ذلك عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وفلسطين تتعطَّل لديهم فجأةً أجهزةُ الاستشعار الأخلاقية، وهذا يعكس تصلُّب حدود ثقافة التذكر الألمانية التي صارت جامدة في تركيزها على إسرائيل وليس بالضرورة على سلامة اليهود.

وفي هذا الصدد من الجدير الإشادة بكون ألمانيا تتعامل مع ماضيها المظلم، إذ إنَّ الفظائع والأعمال الجنونية التي ارتكبتها ألمانيا النازية يجب أن تبقى حَيَّةً في الذاكرة، لأنَّ العالم سيستفيد من زيادة ثقافة التذكر وليس من التقليل منها.

ومع ذلك توجد انتقادات مهمة لطريقة تطوُّر ثقافة التذكر في ألمانيا. فقد تحوَّل التعامل مع معاداة السامية في ألمانيا إلى نوع من تقديس دولة إسرائيل التي باتت "مُحصَّنةً ضدَّ الحجج التاريخية المَبنيَّة على أدلة، ودولةً عمياء أمام تجارب الفلسطينيين تحت الاحتلال"، بحسب تعبير المؤرِّخ الإسرائيلي ألون كونفينو. وهذا التطوُّر مكَّن المتطرفين اليمينيين جزئيًا من استغلال مكافحة معاداة السامية والاستفادة من ذلك في ألمانيا. 

من المثير جدًا للقلق عندما ينشر سياسيون ألمان مقطع فيديو لحوار أجراه الصحافي البريطاني بيرس مورغان مع الناشط والصحفي اليميني البريطاني دوغلاس موراي الذي ادَّعى فيه أنَّ حماس أسوأ من النازيين. ولذلك فإنَّ الاتجاه نحو التقليل من وحشية النازيين بالمقارنة مع حماس يتطلب منا أن نتوقَّف ونتساءل كيف وصل الخطاب إلى هذه النقطة المحزنة.

Here you can access external content. Click to view.

ألمانيا كحكم أخلاقي

كتب محرِّرو المجلة اليهودية الأمريكية اليسارية "التيارات اليهودية" أنَّ: "الألمان يسيطرون بإحكام على شكل الكينونة اليهودية والكينونة الفلسطينية داخل حدود بلدهم… إنَّ احتضان ألمانيا الخانق للجالية اليهودية داخل حدودها -بمشاركة اليهود أو من دون مشاركتهم- يضمن لألمانيا صورتها الذاتية كحكم أخلاقي، في حين يتم تحويل ذنب ألمانيا إلى العرب والمسلمين". 

وهكذا يبدو وكأنَّ اليهود والعرب قد حُوِّلُوا إلى أبطال وأشرار، وإلى صور كاريكاتورية في "مسرح الذاكرة" الألماني - وهو مصطلح وضعه عالم الاجتماع الألماني اليهودي ي. ميشال بودمان في انتقاده ثقافة التذكير الألمانية، وهذا يُقوِّض التضامن اليهودي-العربي وذلك مثلًا حين تعتقل الشرطة في برلين متظاهرين يهودًا لأنَّهم يحتجُّون ضدَّ الحرب في قطاع غزة، ولذلك فإنَّ المساحة المتاحة لمثل هذه الأصوات اليهودية باتت ضيِّقة للغاية.

أمَّا دعوة الرئيس الألماني الاتحادي العرب والمسلمين إلى أن ينأوا بأنفسهم رسميًا عن معاداة السامية فهي تفترض أنَّ معاداة السامية تعتبر نوعًا من المواقف المعيارية الثابتة في أوساط العرب والمسلمين، وهذا على الرغم من حقيقة أنَّ أربعًا وثمانين في المائة من الهجمات المعادية للسامية في عام 2022 نفذها اليمين المتطرف الألماني. 

ومع ذلك فإنَّ السردية العالمية تتغيَّر - وتترك ألمانيا متخلفةً عن الركب: فقد رفض قبل فترة غير بعيدة عمَّال نقل بلجيكيون شحن الأسلحة المرسلة إلى إسرائيل والتي كانت على الأرجح ستقتل مدنيين فلسطينيين، ومن حسن الحظ أنَّ بعض الأطراف قد بدأت تستخلص الدروس الصحيحة من التاريخ، فمحاصرة الموانئ الأوروبية وإعاقة نشاطها ليس سوى إجراء واحد من بين إجراءات كثيرة مُوَجَّهة ضدَّ تواطؤ الغرب في جريمة هذه الحرب.

تعبئة عالمية ضدَّ حرب إسرائيل

يقوم الناشطون والطلاب والنقابات والمواطنون العاديون -اليهود والعرب والمسلمون والمسيحيون والملحدون وكلُّ مَنْ يهتم ببقاء الإنسانية- بالتعبئة من أجل نشاطات احتجاجية لإيقاف آلة الحرب الإسرائيلية. فهل ينجحون؟ وإذا كان لا بدّ لي من تبنِّي وجهة نظر طويلة الأمد فسأتبنَّى كلمات عالم اللاهوت والقسيس التوحيدي الأمريكي ثيودور باركر من القرن التاسع عشر: "قد يكون قوسُ الكون الأخلاقي طويلًا ولكنه ينحني نحو العدالة".

"الشَّر" كلمة عربية تعني في العقيدة الإسلامية الشر [نقيض الخير]، ولكنها تعني في الواقع "غير كافٍ وغير كامل". وعدم الوفاء في تحمُّل المسؤولية الإنسانية الكاملة يعني أقل من الكامل. وما الشفقة والرحمة إلَّا صفتين من صفات هذه المسؤولية وغيابهما يعكس فشل البشر في التصرُّف كبشر. يجب أن تكون الصيغة بسيطة: حياة الفلسطينيين مُقدَّسة تمامًا مثل حياة اليهود، وحياة اليهود مُقدَّسة تمامًا مثل حياة الفلسطينيين. ويجب أَلَّا يكون الإيمان بذلك والتعبير عنه والعمل بموجبه أمرًا صعبًا للغاية.

 

 

عمرو علي

ترجمة: رائد الباش

حقوق النشر: موقع قنطرة 2024

Qantara.de/ar

 

 

نُشر هذا المقال أوَّل مرة على موقع شبيغِل أونلاين الألماني في الأوَّل من كانون الأوَّل/يناير 2024.

 

 

عمرو علي باحث في علم الاجتماع ومؤلف مصري أسترالي. كتب أطروحته للدكتوراه في جامعة سيدني. وهو مختص في مجالات من بينها الرأي العام العربي والدراسات المتوسطية والعالمية والفلسفة الاجتماعية والفلسفة السياسية. صدر في عام 2021 كتابه الرابع بعنوان "الدولة العربية". وهو يعيش في الإسكندرية والدار البيضاء وبرلين.