العمانية جوخة الحارثي أول عربية تحصد جائزة مان بوكر الدولية المرموقة

أربكت الروائية العمانية جوخة الحارثي النقاد الأدبيين الإقليميين في وقت سابق من شهر مايو/أيار 2019 حين حصلت على جائزة مان بوكر الدولية المرموقة عن روايتها "سيدات القمر". مارسيا لينكس كويلي التقت بها وبمترجمة روايتها الكاتبة الأمريكية مارلين بوث في صباح اليوم التالي للإعلان عن الجائزة وحاورتها لموقع قنطرة.

الكاتبة ، الكاتب: مارسيا لينكس كويلي

رواية "سيدات القمر" للكاتبة العمانية جوخة الحارثي هي الرواية العربية الأولى التي تفوز بجائزة مان الدولية. تركز الرواية المترجمة بحيوية إلى الإنكليزية من قبل مارلين بوث (أستاذة الأدب العربي في جامعة أوكسفورد) على حياة ثلاث شقيقات عُمانيات وتنتقل ذهاباً وإياباً عبر التاريخ المعاصر.

ورغم أن اختيار لجنة التحكيم لـ "سيدات القمر" كان بالإجماع كما ورد، إلا أنه كان فوزاً غير متوقع. إذ لم تحصل "سيدات القمر" على أي جائزة إقليمية كبرى بالعربية. في الواقع، قليلة هي الروايات العُمانية التي حصلت على جوائز. ومن بين حوالي 200 رواية وصلت -إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية على مر السنين- واحدة فقط كُتِبت من قبل عُماني: عبد العزيز الفارسي "تبكي الأرض... يضحك زحل". وهي الرواية العُمانية الأولى التي تُرجِمت إلى الإنكليزية. أما "سيدات القمر" فهي الثانية.

الغلاف الإنكليزي لرواية "سيدات القمر" للكاتبة الروائية العمانية جوخة الحارثي ومن ترجمة الأمريكية مارلين بوث. (published by Sandstone Press)
اهتمام شديد مفاجئ: صدرت ترجمة الكاتبة الأمريكية مارلين بوث المبهجة لرواية الكاتبة الروائية العمانية جوخة الحارثي في حزيران/ يونيو 2018 من قبل ناشر اسكتلندي صغير، ساندستون برس (Sandstone Press). في البداية، حازت رواية "سيدات القمر" على اهتمام ضئيل - ومن ثم جاءت القائمة الطويلة لجائزة مان بوكر الدولية لعام 2019. تقول بوث إن الفوز "يذكّر الجميع بأن الأدب العربي يُنتَج في أماكن مختلفة في المنطقة"، وتضيف أن ذلك يسلّط الضوء على "رواية تاريخية تجريبية". شراكتهما مستمرة، كما تخطط بوث لترجمة رواية جوخة الحارثي الصادرة عام 2016 "نارِنجَة (البرتقال المر)".

وعلى الرغم من حقيقة أن الحارثي تكتب بعيداً عن الأضواء عموماً، فقد عملت بجد على حرفتها. نشرت مجموعتها القصصية الأولى في عام 2001 وروايتها الأولى "منامات" في عام 2004. حصلت جوخة الحارثي على شهادة الدكتوراه (في الأدب العربي) من جامعة إدنبرة في عام 2010 - وهو العام نفسه الذي نُشِرت فيه "سيدات القمر"، التي تُرجِمت إلى الإنكليزية تحت عنوان "أجرام سماوية". وقد كانت جوخة الحارثي في إدنبرة حين التقت بالمترجمة الأدبية المشهورة مارلين بوث.

صدرت ترجمة بوث المبهجة لرواية الحارثي في حزيران/يونيو 2018 من قبل ناشر اسكتلندي صغير، ساندستون برس (Sandstone Press). في البداية، حازت رواية "سيدات القمر" على اهتمام ضئيل - ومن ثم جاءت القائمة الطويلة لجائزة مان بوكر الدولية، التي جلبت اهتماماً مفاجئاً وشديداً. تقول بوث إنها تعتقد أن الفوز "يذكّر الجميع بأن الأدب العربي يُنتَج في أماكن مختلفة في المنطقة"، وأضافت أن ذلك يسلّط الضوء على "رواية تاريخية تجريبية". شراكتهما مستمرة، كما تخطط بوث لترجمة رواية الحارثي الصادرة عام 2016 "نارِنجَة (البرتقال المر)".

***

تاريخ العبودية في عُمان -والتي ألغيت رسمياً في عام 1970- أساسي في رواية "سيدات القمر". ما نوع البحث الذي قمتِ به في حياة الناس المستعبَدين من أجل الكتاب؟

جوخة الحارثي: ارتكزت الرواية على نوعين من المصادر. كان المصدر الأول هو لقاء الناس. لم أقم بإجراء مقابلات رسمية، عن قصد، من أجل الحصول على مواد للرواية. بدل ذلك تحادثت مع كبار السن الذين شهدوا أموراً  كهذه - سمعت بعض القصص المذهلة. لقد كانوا في الواقع مصدري الأساسي. ومن ثم، حين فكرت في هذه القصص، أدركت أنني لم أكن قادرة على ربط هذه القصص بالجيل الأقدم (من الأشخاص المستعبَدين سابقاً). هؤلاء عُمانيون، عاشوا لأجيال في عُمان، لكن ماذا عن أصولهم؟

عند هذه المرحلة، دخلت في عمل أكاديمي. اكتشفت كيف جُلِب الناس إلى عُمان، وما هي العمليات، وما إلى ذلك. جاء البعض منهم من أفريقيا، بينما كان البعض من بالوشيستان أو أماكن أخرى في باكستان وإيران، وبالتالي توجب علي القراءة حول ذلك، في محاولة لصهر ذلك في روايتي. لم أكن أود أن أعطي انطباعاً بأنني أدرِّس  التاريخ. استخدمت مصادرَ، بَيْدَ أن القصة النهائية خيالية.

كيف حرصت على عدم إعادة إنتاج الصور النمطية في الرواية؟ على سبيل المثال، لقد سمعت حول الصورة النمطية التي تقول بأن الأشخاص العمانيين ذوي البشرة السوداء دائماً ما يغنون. لاحظت أنه حين يغني حبيب (الشخصية المستعبَدة)، فإن صوته كئيب، "نحيب أكثر منه غناء".

 

 

{بحث في حياة الناس المستعبَدين: اكتشفتُ كيف جُلِب هولاء الناس إلى عُمان. جاء بعضهم من أفريقيا وآخرون من بالوشيستان أو أماكن أخرى في باكستان وإيران، توجب علي القراءة حول ذلك، في محاولة لصهر ذلك في روايتي. - كما تقول الكاتبة العمانية جوخة الحارثي} 

 

الحارثي: بذلت مجهوداً واعياً للعمل ضد الصور النمطية. بيد أنه، في الوقت ذاته، لم يكن السبب الوحيد للكتابة هو تحدي الصور النمطية. هناك فرق بين أن تكون واعياً حول تحدي الصور النمطية وبين مجرد الكتابة لتحديها. أشعر بالتعاطف تجاه جميع شخصياتي. أحاول فهم مواقفهم، وطريقة تفكيرهم وخياراتهم في الحياة.

تضم "سيدات القمر" مجموعة كبيرة من الشخصيات. هل تملكين مستنداً رئيسياً تتتبعين من خلاله هذه الشخصيات وتواريخها الشخصية؟

الحارثي: كلا، كل ذلك موجود في رأسي. بيد أنني لا أكتبه من الفصل الأول إلى الأخير. أحياناً، على سبيل المثال، أكتب الفصل العاشر ومن ثم أعود إلى الثالث.

كيف يُدمَج عملك الأكاديمي حول الشعر العربي الكلاسيكي -على سبيل المثال الغزل العذري- في الرواية؟ مجنون ليلى حاضر بشكل كبير في "سيدات القمر".

الحارثي: حقيقة الأمر مع الأدب العربي الكلاسيكي أنني نشأت معه. بدأت بقراءته قبل وقت طويل من بدء الدكتوراه. حين كنت في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة من عمري، حفظتُ مجنون ليلى. كنت من أكبر المعجبين. لذلك فهذا الحب للغزل العذري هو شغف قديم جداً. ربما يؤثر على رواياتي، بيد أنني غير متأكدة من وجود رابط مباشر.

 

 

{حلم بالنسبة للأطفال: في كتابتي للأطفال أردت كتابة شيء مُسَلٍّ، شيء مختلف تماماً عما يقرؤونه في المدرسة. الكتب في المدرسة مملة بشدة! أردت كتابة شيء فيه الكثير من المشاهد الخيالية، لمسة من الحكايا الخرافية، لأنني أحب الحكايا الخرافية، ولمسة من تراثنا العربي. ليست ثقيلة جداً، بل لمسة منه فقط. هذا هو حلمي بالنسبة للأطفال. -  كما تقول الكاتبة العمانية جوخة الحارثي}

 

في مقابلة مع (موقع ذي ناشنال) The National، قلتِ: "أنا سعيدة لأن الناس سيقرؤون سيدات القمر لكنني آمل في أن القراء سيرغبون بقراءة أدب عربي آخر، وكتّاب آخرين من الخليج العربي". مَن هم الكتاب الآخرون الذين تريديننا أن نقرأ لهم؟

الحارثي: أتمنى أن يسامحني الناس إن نسيت ذكرهم! فيما يتعلق بالأدب العُماني، قرأت مؤخراً رواية زهران القاسمي "جوع العسل" (2017). لقد استمتعت فعلاً بتلك الرواية. إذ تدور أحداثها في بيئة فريدة من نوعها، بين الجبال، كما أنني أحببت فعلاً لغة زهران الشعرية. أحب أيضاً أعمال سليمان المعمري، وبشرى خلفان، وهدى حمد، وأزهار أحمد، على سبيل المثال لا الحصر. 

كما أنك تكتبين كتباً للأطفال. أو على الأقل فعلت ذلك سابقاً...

الحارثي: نعم، لكن ليس بعد الآن، لأنني لم أستطع العثور على ناشر لقصتي الأخيرة. لذلك توقّفت.

ما الذي جعلك ترغبين في الكتابة للأطفال؟

الحارثي: أطفالي.

ما هي أنواع القصص التي كتبتِها؟

 

 

الحارثي: أردت كتابة شيء مُسَلٍّ، شيء مختلف تماماً عما يقرؤونه في المدرسة. الكتب في المدرسة مملة بشدة! ابني، في العاشرة من عمره، يضحك حول الأشياء التي يدرِّسونه إياها في المدرسة. أردت كتابة شيء مختلف، فيه الكثير من المشاهد الخيالية، لمسة من الحكايا الخرافية، لأنني أحب الحكايا الخرافية، ولمسة من تراثنا العربي. ليست ثقيلة جداً، بل لمسة منه فقط. هذا هو حلمي بالنسبة للأطفال.

أما زلتِ تبحثين عن ناشر لكتابك الأخير للأطفال؟

الحارثي: تلقيت العديد من رسائل الرفض لدرجة أنني توقفت عن المحاولة. أعتقد أن من الأفضل التركيز على رواياتي للكبار.

ما الذي تعملين عليه الآن؟

الحارثي: أعمل على رواية جديدة، لكن ببطء شديد.

 

 

حاورتها: مارسيا لينكس كويلي

ترجمة: يسرى مرعي

حقوق النشر: موقع قنطرة 2019

ar.Qantara.de