التغير المناخي في الشرق الأوسط قد يقود الى نزوح الملايين
بوادر التغيرات المناخية يسجلها نقيب الفلاحين المصريين حسين أبو صدام على أرض الواقع ويقول: "يهاجر الشباب من المناطق الريفية الى الخارج أو الى المدن الكبيرة للعمل".
ويرى أن عوامل مناخية تقف وراء هذه الهجرة.
مع أن مصر تعاني أساسا من "عدد سكانها الكبير ومن كونها أحد أكثر البلاد حفافا في العالم"، إلا أن الظواهر الجديدة المرتبطة بالتغير المناخي مثل "ظهور طفيليات جديدة" تجعل من الزراعة أقل ربحية من ذي قبل"، على ما يؤكد أبو صدام.
وتفيد مفوضية الأمم المتحدة السامية بشؤون اللاجئين، أن "90% من اللاجئين في العالم يأتون من مناطق معرضة بقوة لتأثيرات التغير المناخي".
نزوح 216 مليون بحلول 2050 في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
وتشرح نائبة مديرة المنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب: "اذا لم يستطع السكان توفير غذائهم وزراعة الأرض فلا سبيل آخر أمامهم إلا النزوح".
وتشير الى أن الكوارث الطبيعية المتكررة في العام 2021 "دفعت ثلاثة ملايين شخص تقريبا الى مغادرة ديارهم في إفريقيا والشرق الأوسط".
وتتابع قائلة "نتوقع أن يشهد الوضع تدهورا".
ويتوقع خبراء في المناخ احتمال أن تفقد مصر، بحلول العام 2060، نصف انتاجية القطاع الزراعي.
ويرى الباحث في مركز الدراسات الاقتصادية والقانونية والاجتماعية الفرنسي في القاهرة فلوريان بونفوا: "هناك أيضا الانجذاب لنمط الحياة في المدينة والخدمات المتاحة فيها".
وما لم يتم العمل على الحد من التغيرات المناخية، يرى البنك الدولي أنه سيكون هناك بحلول العام 2050، 216 مليون مهاجر لأسباب مناخية إذ ستضطر عائلات بكاملها الى النزوح داخل بلدانها وسيشمل النزوح 19،3 مليونا في دول شمال إفريقيا الخمس.
وهذه المنطقة معرضة للأخطار أكثر من غيرها لأن شواطئها كثيفة السكان ومهددة بفعل ارتفاع مستوى مياه البحر. ف7% من سكانها يعيشون على ارتفاع أقل من خمسة أمتار من سطح البحر، وفق المؤسسة الأوروبية للمتوسط.
وبشكل تلقائي، يتجه المواطنون إلى المدن الكبرى مثل القاهرة والجزائر وتونس وطرابلس ومحور الرباط-الدار البيضاء وطنجة.
غير أن البنك الدولي يحذر من أن "بؤر الهجرة المناخية" تلك معرضة هي نفسها لارتفاع مستوى مياه البحر.
تحليل: الشرق الأوسط على أعتاب ثورة في مجال الطاقة وسط تغيرات المناخ "غير المسبوقة
في الإسكندرية على سبيل المثال، على ساحل المتوسط المصري، سيضطر مليونا شخص إلى الانتقال إلى مكان آخر أي نحو ثلث سكان المدينة، وستفقد المدينة 214 الف وظيفة اذا ارتفع مستوى البحر 50 سنتيمترا.
التغير المناخي يزيد من حدة النزاعات في دول الشرق الأوسط
ويحذر الخبير الاقتصادي عاصم أبو حطب من أن تجمعات كهذه "تزيد الضغوط على الموارد" وهو ما "قد يؤدي الى نزاعات عنيفة"، على حد تعبيره، في منطقة يعتمد 22% من سكانها على الزراعة.
في السودان، أوقعت النزاعات بين القبائل حول الماء والكلأ والأراضي مئات القتلى منذ مطلع العام الحالي في ولايات عدة.
وبحسب اليونيسيف، تقع 11 دولة من أكثر 17 بلدا افتقارا للمياه في العالم، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
في العراق على سبيل المثال، اذا لم يتخذ أي إجراء بحلول العام 2050، و"في حال ارتفاع الحرارة بمقدار درجة مئوية وانخفاض الأمطار بنسبة 10%، سيفقد هذا البلد البالغ عدد سكانه 42 مليون نسمة، 20% من مياهه العذبة" وفق البنك الدولي.
أما الأردن، أحد أكثر بلدان العالم جفافا، فقد اضطر الى مضاعفة وارداته من المياه من إسرائيل هذا العام فيما يعاني قطاع غزة الخاضع لحصار إسرائيل، من نقص مزمن في المياه منذ سنوات.
وتقول بوب إن المجتمع الدولي تعهد في مؤتمري كوبنهاغن وباريس للمناخ "مساعدة الدول النامية على مواجهة تداعيات التغير المناخي" من خلال المساهمة في امداد هذه الدول "بطريقة مختلفة للزراعة وإدارة أفضل للمياه".
في مطلع أيلول/سبتمبر حثت 24 دول إفريقية على احترام هذه الالتزامات باسرع وقت ممكن.
وهي ستجدد هذه الدعوة خلال مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 27)الذي ينطلق في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر في مصر.
وتؤكد بوب أنه ينبغي "إيجاد مصادر بديلة للتوظيف وللدخل" للجم الهجرة المناخية. ( أ ف ب)