مصر على أبواب انتفاضة جياع في عهد السيسي؟
مصر ستصبح مستقرة أكثر اقتصاديا ـ حتى ولو على حساب الحريات السياسية التي ناضل من أجلها المواطنون في ثورة 2011. هذا ما وعد به الرئيس عبد الفتاح السيسي لمواطنيه مؤخرا. يعتقد السيسي الذي قاد الانقلاب العسكري ضد الرئيس السابق محمد مرسي في 2013 أن شعبيته ستزداد بهذا الموقف. إلا أن المصريين يصعب عليهم أكثر من ذي قبل تفهم رئيس البلاد. "وإذا كنا أكثر استقرارا من العراق وسوريا ـ فماذا بعد؟"، تسأل أم هبة البالغة من العمر 68 عاما. السيدة في طريقها إلى سوق خردة وسط القاهرة. "هل يريد السيسي الظروف التي نموت فيها جوعا؟" أم هبة تحصل على دعم شهري بمبلغ 400 جنيه مصري من البرنامج الحكومي "تكافل وكرامة". إلا أنه لا يكفي. "ينبغي على السيسي الاعتناء بنا نحن الفقراء وليس بأولئك الناس في مارينا"، تقول أم هبة. ومارينا هو مجمع سياحي على البحر المتوسط يقصده المصريون الأغنياء. هل يستفيد الفقراء من المشاريع الكبرى؟ خلال شهر يوليو/تموز 2018 ادعى السيسي أن مصر أضحت سياسيا وفي القضايا الأمنية أفضل مما كانت عليه قبل خمس سنوات. لكن الزيادة الأخيرة في الأسعار أثارت غضب الناس، حتى أن قسما منهم طالب باستقالة الرئيس عبر المواقع الاجتماعية.
رسالة السيسي قلما يمكن أن تنسجم مع الأسئلة الانتقادية حول ما إذا كانت المشاريع الاقتصادية الكبرى للحكومة تنعكس بشكل إيجابي على المواطنين الفقراء. ومن هذه المشاريع نجد في الخطط الأخيرة الخاصة بالبنية التحتية توسيع قناة السويس وإنشاء عاصمة إدارية جديدة شرقي القاهرة وبناء أكبر محطة طاقة تعمل على الفحم في العالم. يؤمن عمر هاني البالغ من العمر 21 عاما قوت عائلته بمفرده. على مدى ستة أيام كل أسبوع يبيع الشاب في السوق منتجات مثل كابلات وشفرات حلاقة. يجب عليه بيع بضاعة بقيمة نحو 1000 جنيه مصري كي يتمكن من تحقيق بعض الربح. وفي غالبية الأيام لا يقدر على تغطية التكاليف. " سئمت هذا البلد، كي أكون صريحا"، يقول عمر. "الوضع كان أفضل تحت الرئيس مبارك قبل 2011 من الوقت الراهن تحت السيسي. في كل يوم ترتفع تكاليف البضاعة ويصبح من الصعب تحمّل تكاليف الحياة اليومية". أما وسائل الإعلام المقربة من السلطة فدعت المصريين باستمرار إلى التحلي بالصبر ليستفيدوا من إجراءات التقشف الاقتصادي لصندوق النقد الدولي الذي يقيٍم الوضع الاقتصادي في مصر إيجابيا، ويلاحظ أنه تم التغلب على الفقر المدقع. لكن حوالي ربع السكان مازالوا يعيشون تحت عتبة الفقر. وينصح صندوق النقد الدولي بحماية العائلات ذات الدخل الضعيف.على أساس أن ذلك حاسم بالنسبة إلى استقرار مصر الاقتصادي.
الكثير من المصريين يكافحون من أجل القاء يشكك الخبراء في أن تكون الإصلاحات الاقتصادية القائمة على إجراءات التقشف السريعة هي الحل المثالي للاقتصاد المصري. "عندما تم في نوفمبر 2016 تخفيض قيمة عملتنا إلى 18 جنيه مصري مقابل دولار واحد، كان المفعول أكثر خسارة مما كان متوقعا"، تقول سلمة حسين، وهي مختصة اقتصادية من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. كسوق نامية كانت مصر جذابة لمستثمرين أجانب مع احتياطي زاد على 44 مليار دولار. وهذا يعني زيادة بنحو عشرة مليارات دولار بالمقارنة مع الفترة قبل الثورة في 2011. إلا أن المشاكل الاقتصادية البنيوية ظلت قائمة. "الآن ترتفع الديون الحكومية وتتشكل فجوة كبيرة يجب علينا تجاوزها. وبموازاة الاضطرابات الاجتماعية بسبب الغضب من الأسعار المرتفعة تبدو مصر فجأة غير جذابة للمستثمرين"، كما تقول سلمة حسين. وتنصح الخبيرة سلمة حسين الحكومة المصرية بجعل النفقات الاجتماعية مثلا على الصحة والتعليم من الأولويات الكبرى. "الكثير من المؤشرات التي تقوم على تفاوتات اجتماعية - اقتصادية وتسببت في ثورة 2011 تدهورت أكثر. ومن الصعب التنبؤ بما سيحصل في النهاية"، تحذر سلمة حسين. خيبة أمل من فشل الثورة طه عبد الرحمن الذي يبيع الفول والفلافل في أحد الأحياء المحيطة بالقاهرة متشائم أيضا. "كيف يمكن رفع أسعار الوقود والكهرباء والماء في آن واحد؟ لدي الشعور بأنه يجب أن يحصل الآن شيء. وعلى الأقل المداخيل يجب أن تكون معقولة حتى لا يزداد غضب الناس". هذا الرجل البالغ من العمر 64 عاما توجب عليه زيادة أجر العاملين في محله الصغير بعد ارتفاع أسعار تذاكر قطار الأنفاق إلى ثلاثة أمثال خلال السنوات الثلاث الماضية.
"أنا حزين أكثر من غاضب عندما أدفع هذه الأيام الفواتير، لأنه لم يعد يوجد توازن في تحديد الأسعار. يجب على السلطات فعلا أن تفعل الكثير لمراقبة تحديد الأسعار في السوق"، يضيف طه. "كانت آمالي كبيرة عندما تفجرت الثورة، لكن لدي الشعور بأنها فشلت. ومنذ ذلك الوقت والوضع مخيم للآمال". فريد فريد - القاهرةحقوق النشر: دويتشه فيله 2018 ar.Qantara.de