"من شأن ألمانيا دعم المصالحة بين إسرائيل وفلسطين"
سيد بَرتوف، قبلت محكمة العدل الدولية في لاهاي الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل وأمرت ببعض الإجراءات التي طلبتها جنوب أفريقيا، ومن بينها أنه يجب على إسرائيل "منع ومعاقبة" التحريض على الإبادة الجماعية. فكيف تفسر هذا؟ وما هي التأثيرات التي سيحدثها هذا القرار؟
عومر بَرتوف: بهذه الإجراءات المؤقتة تُظهِر المحكمة أنها تقبل التخوف الذي أعربت عنه جنوب أفريقيا، والذي يشير إلى أن تصريحات القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل قد تُفسَّر على أنها تحريض على الإبادة الجماعية. وهذا بالضبط ما حذرتُ منه بالفعل في مقال الرأي الذي كتبتُه في صحيفة نيويورك تايمز في بداية نوفمبر / تشرين الثاني 2023.
وقد عرضت محكمة العدل الدولية بعضاً من هذه التصريحات. ولم تصدر هذه التصريحات من قبل بعض أفراد غير مهمين كما حاول الجيش الإسرائيلي إقناع المحكمة، وإنما من قبل أشخاص لديهم سلطات تنفيذية ومناصب حكومية عليا، مثل الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الدفاع.
وفي أعقاب قرار محكمة العدل الدولية حاول بنيامين نتنياهو تكميم أفواه وزرائه. ولكن دون جدوى. ومؤخراً دعا إيتمار بن غفير وزيرُ الأمن في حكومة نتنياهو -علناً في تجمع حاشد في إسرائيل ثم في مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال"- إلى "تشجيع" سكان قطاع غزة على مغادرة القطاع بالكامل. وهذه -إلى حد ما- دعوة للتطهير العرقي.
ماذا سيحدث بعد حكم محكمة العدل الدولية؟
هذا يظهر أن إجراءات محكمة العدل الدولية قد يكون لها تأثير معين على نتنياهو. ومع ذلك ونظراً لأنه غير قادر على السيطرة على وزرائه -لأسباب ليس آخرها خوفه من انهيار ائتلافه مما قد يؤدي إلى اعتقاله- فإن التأثير العام لهذه الإجراءات يظل على الأرجح ضئيلاً.
والسؤال هو ماذا سيحدث في غضون أسابيع قليلة عندما يتعين على إسرائيل تقديم تقرير إلى محكمة العدل الدولية بشأن تنفيذ هذه التدابير. من الممكن أن تحيل محكمة العدل الدولية إسرائيل إلى مجلس الأمن لفرض إجراءات عقابية مثل فرض عقوبات. ومن الممكن أن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" ضد هذه الخطوة.
أو يمكن للولايات المتحدة اتخاذ إجراءات فورية ضد وزير الشرطة بن غفير، مثل تجميد حساباته المالية، كما فعلوا ذلك بالفعل مع عدة مستوطنين. وسيكون هذا بمثابة طلقة تحذيرية لجميع السياسيين الآخرين.
هل يمكنك من فضلك توضيح الفرق بين "التطهير العرقي" -الذي يُطَلق عليه غالباً أيضا "التهجير القسري"- وبين "الجرائم ضد الإنسانية" و"جرائم الحرب"؟
بَرتوف: "جرائم الحرب" و"الجرائم ضد الإنسانية" كل منها انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني. عندما نتحدث عن "جرائم الحرب" فإننا نتحدث عن انتهاكات لاتفاقية جنيف عام 1949 والبروتوكولات الملحقة بها. وتُعَرَّف "جرائمُ الحرب" بأنها "التدمير والاستيلاء على الممتلكات على نطاق واسع بشكل لا تبرره الضرورة العسكرية ويتم تنفيذه بشكل غير قانوني وتعسفي"، وكذلك "التهجير القسري غير القانوني أو إعادة التوطين".
وثمة عنصر مهم هنا وهو مبدأ التناسب. وهذا يعني أن تأثيرات الوسائل والأساليب المستخدمة في القتال يجب ألا تكون غير متناسبة مع المكسب العسكري المستهدف.
على سبيل المثال فإن إسقاط قنبلة تزن 2000 رطل على مدرسة تضم 200 لاجئ مدني بهدف قتل اثنين من زعماء حماس يمكن تقييمه بأنه استخدام غير متناسب للذخيرة.
"التطهير العرقي" يؤدي غالباً إلى الإبادة الجماعية
من ناحية أخرى تُعَرَّف "الجرائم ضد الإنسانية" في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنها "أفعال تُرتَكب في سياق هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد السكان المدنيين". ونقطتا "الإبادة" و"الترحيل أو إعادة التوطين القسري" لهما أهمية خاصة هنا.
وعلى عكس الإبادة الجماعية فإن الجرائم ضد الإنسانية لا تستهدف بالضرورة مجموعة معينة من الناس. علاوة على ذلك وعلى عكس جرائم الحرب فإنها تُرتكب ليس الضرورة أثناء وجود حرب.
"التطهير العرقي" ليس له تعريف في القانون الدولي الإنساني. وهو يشبه "الترحيل أو إعادة التوطين القسري للسكان" ولكنه ليس مرادفاً له. وهذا يعني أن "التطهير العرقي" يمكن أن يندرج تحت "جرائم الحرب" و/أو "جرائم ضد الإنسانية".
بشكل عام يُفهَم مصطلح "التطهير العرقي" على أنه محاولة لطرد مجموعة عرقية من منطقة معينة من أجل إفادة مجموعة عرقية أخرى تطالب بحق حصري في تلك المنطقة.
وقد عرَّفت لجنة خبراء الأمم المتحدة المكلفة بالتحقيق في انتهاكات القانون الدولي في يوغوسلافيا السابقة التطهير العرقي بأنه "سياسة موجَّهَة لهدفٍ من قِبَل مجموعة عرقية أو دينية تستهدف طرد السكان المدنيين المنتمين لمجموعة عرقية أو دينية أخرى من مناطق جغرافية معينة باستخدام وسائل عنيفة وإرهابية ".
وعلى مر التاريخ أدت حملات "التطهير العرقي" في كثير من الأحيان إلى الإبادة الجماعية. حدث ذلك على سبيل المثال أثناء الإبادة الجماعية في المستعمرات الألمانية بجنوب غرب أفريقيا 1904، والإبادة الجماعية للأرمن عام 1915، وخلال المرحلة الأولى من الهولوكوست.
معايير الإبادة الجماعية
ترى محكمة العدل الدولية أن الشكوك بشأن الإبادة الجماعية "وجيهة". ماذا يعني هذا ومتى يمكننا التحدث من الناحية القانونية عن ارتكاب "إبادة جماعية"؟
بَرتوف: تُعرَّف جريمة الإبادة الجماعية في اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية لعام 1948 على أنها "أفعال ترتكب بنية القضاء -كلياً أو جزئياً- على مجموعة قومية أو عرقية أو عنصرية أو دينية". تتضمن هذه الأفعال "القتل، وانتهاك السلامة الجسدية أو النفسية، وتعريض الحياة للخطر من خلال تدهور الظروف المعيشية، ومنع الولادات ضمن المجموعة السكانية المراد إبادتها، والنقل القسري للأطفال من المجموعة السكانية المراد إبادتها إلى مجموعة سكانية أخرى". ومن الممكن أن تنطبق كل هذه النقاط -باستثناء الأخيرة- على غزة.
الأمر الحاسم من أجل تعريف الإبادة الجماعية هو أولاً النية الصريحة لتدمير مجموعة ما في حد ذاتها. وثانياً أن تتضمن أفعالاً تبين أن عمليات القتل هذه ليست من قبيل المصادفة وإنما موجهة عمداً ضد أفراد تلك المجموعة المحددة بهدف إبادتهم.
وفي هذا الصدد ما يهم هو ما يقوله القادة السياسيون وكيف ترتبط تلك التصريحات بالأفعال على الأرض. ووفقاً للقانون الدولي يعتبر التحريض على الإبادة الجماعية جريمة أيضاً - كما تثبت مثل هذه التصريحات. وقد أشارت محكمة العدل الدولية أيضا إلى ذلك في التدابير التي أصدرتها.
من الناحية القانونية تعني "معقولية الإبادة الجماعية" أن محكمة العدل الدولية قررت أن هناك أدلة كافية تشير إلى احتمال ارتكاب جريمة إبادة جماعية أو أنها وشيكة الحدوث، وأنه في الفترة حتى تصدر المحكمة الدولية قرارها النهائي، الذي قد يستغرق سنوات قد يحدث ضرر جسيم في المنطقة.
عواقب وخيمة للسياسة الألمانية الشرق أوسطية
نُدرَة انتقاد الحكومة الألمانية لأسلوب الحرب الإسرائيلية في غزة ألحقت ضررًا كبيرًا بالسياسة الأوروبية الخارجية والأمنية وأضعفت ديمقراطية ألمانيا والعالم وصار تعديل هذا المسار ضرورة عاجلة. تعليق الباحث الألماني ماتياس زايلَر لموقع قنطرة.
غزة - تعريض حياة الفلسطينيين للخطر بشكل متعمد
أرى الوضع في غزة على النحو التالي: إذا لم يُسمح للسكان -الموجودين حاليا في منطقة صغيرة في جنوب قطاع غزة- بالعودة إلى منازلهم -المدمرة إلى حد كبير- بموجب اتفاق يسمح لهم بإعادة بناء منازلهم وبنيتهم التحتية الضرورية للحياة -ولكن أيضا إذا بدأ السكان في الموت بأعداد متزايدة بسبب سوء التغذية والأوبئة أو اضطروا إلى الفرار من قطاع غزة- فيمكن النظر إلى عملية الجيش الإسرائيلي برمتها على أنها "تطهير عرقي" أو إعادة توطين قسري.
وبالتالي فإن هذا سيكون بمثابة "جريمة حرب" و"جريمة ضد الإنسانية" أو ربما حتى إبادة جماعية، لأن مثل هذه النتيجة يمكن تفسيرها على أنها "تعريض حياة مجموعة من البشر للخطر عمداً بهدف إبادة المجموعة ككل أو أجزاء منها". وأنا أقصد بمجموعة بكلمة مجموعة السكان العرقيين والقوميين في غزة.
ينبغي لألمانيا التدخل لحل الأزمة
ولاء ألمانيا -الخالي من النقد- لسياسات الحكومة الإسرائيلية ينتقده الكثيرون. وفي الوقت نفسه هناك انحراف نحو اليمين في ألمانيا وتزايد في معاداة السامية والعنصرية. فهل تعزل ألمانيا نفسها على نحو متزايد على المستوى الدولي بهذا الموقف؟
بَرتوف: في السياق الأوروبي والأمريكي لم تعزل ألمانيا نفسها بقدر كبير، خاصة عندما نأخذ في الاعتبار أن دولاً مثل فرنسا وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة تتخذ موقفاً مماثلاً بشأن الصراع في غزة ومحكمة العدل الدولية.
ولكن على المدى الطويل يمكن لألمانيا أن تعزل نفسها. أعتقد أن ألمانيا تستطيع أن تضع نفسها في أفضل وضع -سواء في ضوء مشاكلها الداخلية أو الدولية ضمن مجتمع الدول- من خلال العمل بنشاط على حل الأزمة الحالية والمشاركة في إيجاد حل سياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ويشمل ذلك انتقاد السياسات الإسرائيلية وممارسة المزيد من الضغوط على الحكومة. كما يشمل أيضا القيام بخطوات إيجابية نحو اتفاق سلام يفترض أن يؤدي إلى حل الدولتين. أنا أعتبر الكونفدرالية هي الحل الوحيد القابل للتطبيق، وهو ما أود مناقشته فيما يلي.
يمكن لألمانيا أن تظهر تضامنها مع الفلسطينيين من خلال العمل لتحقيق هذا الهدف، بدلاً من دعم الحكومة اليمينية المتطرفة الحالية في إسرائيل والتي تعمل في الواقع على تقويض المصالح الوطنية لإسرائيل. وهذا من شأنه أيضاً أن يسهل على الحكومة الألمانية أن تنأى بنفسها عن المتطرفين اليمينيين لديها. وسيظهر هذا الشعور بالمسؤولية تجاه كل من اليهود والفلسطينيين.
وبالطبع لا تواجه ألمانيا مشكلة مع المتطرفين اليمينيين فحسب بل وأيضاً مع التوترات مع مجتمع المهاجرين الضخم -الشباب ولكن أيضاً الأكبر سناً- الذين تنحدرأجزاء كبيرة منهم من الشرق الأوسط وهم مسلمون. وتجد ألمانيا صعوبة في دمج هؤلاء الأشخاص، الذين غالبا ما يشعرون بالإقصاء والتنميط.
إن المزيد من الاهتمام بالفلسطينيين وبذل جهد أقوى وأكثر حساسية لدمج المهاجرين من شأنه أن يسهم كثيرا في الحد من التوترات السياسية الداخلية وصد التهديد الحقيقي الداخلي الناشئ عن الأطياف اليمينية.
كارثتا الكوارث - لا تنفك إحداهما عن الأخرى
الهولوكوست والنكبة: عند سؤال فلسطيني عن محرقة اليهود يتحدث غالبا عن نكبة تهجير الفلسطينيين المرتبط بإسرائيل. لذا طور باحثان إسرائيلي وفلسطيني مفهوما للحوار حول هاتين الصدمتين القوميتين. تحليل جوزيف كرواتورو لموقع قنطرة.
"استغلال معاداة السامية"
مؤخراً أعلن مجلس شيوخ برلين -حكومة ولاية برلين- أنه سيربط التمويل الثقافي بالالتزام ضد معاداة السامية، وهو ما تم سحبه بعد احتجاجات صناع الثقافة. ويرى كثيرون من صناع الثقافة أن الحرية الفنية مهددة بمثل هذه المحاولات. هل تشاركهم في هذا التخوف؟
بَرتوف: أشاركهم في هذا التخوف وقد أعربت في مواضع مختلفة عن رفضي لاستغلال معاداة السامية للسيطرة على التعبير عن الرأي، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالحد من الانتقادات الموجهة لسياسات إسرائيل أو حظرها كليا. وكان هذا هدفا طويل الأمد أيضا للإدارات المختلفة تحت حكم نتنياهو.
وقد خدم تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة IHRA هذا الهدف بشكل جيد جدا. وهذا لا يضر فقط بالانتقاد اللازم للاحتلال الإسرائيلي وانتهاكات القانون الدولي الإنساني بل ويتناقض أيضا مع فهمنا لمعاداة السامية.
ونحن نرى أن تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة أدى إلى تقليل الأمور التي نفهمها تحت مسمى معاداة السامية والمحرقة. هذا الاضطهاد الجائر (هذا العمل الشبيه بمطاردة الساحرات) تجلَّى في الهجوم على ماشا غيسن.
ومثال آخر هو الهجمات الأخيرة التي شنتها عناصر يمينية وجهات مانحة ذات نفوذ في الولايات المتحدة على البروفيسور ديريك بنسلار من جامعة هارفارد، وهو باحث بارز في التاريخ اليهودي والصهيونية. وهذا يوضح مدى انحراف مثل هذه المحاولات المزعومة لمكافحة معاداة السامية، وكيف يمكن إساءة استخدامها بسهولة لتقييد حرية التعبير والدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه.
خطة سلام "بلد للجميع"
أنت من الموقعين على عريضة أغسطس / آب 2023 بعنوان "الفيل في الغرفة. يهود يناضلون من أجل العدالة"، والتي تتحدث عن "نظام فصل عنصري" إسرائيلي. وأنتم تطالبون بوجود خطة دولية لـ"لليوم التالي" بعد نهاية حرب غزة. كيف يمكن أن تبدو هذه الخطة وما هو الدور الذي يجب أن تلعبه ألمانيا والاتحاد الأوروبي فيها؟
بَرتوف: بداية، اسمحي لي أن أقول إن "الفيل في الغرفة" تحدثت عن إقامة نظام فصل عنصري في الضفة الغربية. ولا يعني هذا أن إسرائيل ككل هي نظام فصل عنصري.
إن أي خطة دولية ستحتاج إلى عنصرين: أولهما خطوات التعامل مع الأزمة الحالية. وهي تشمل: وقف إطلاق النار وإعادة الرهائن مقابل المعتقلين الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية، وإبعاد قيادة حماس من قطاع غزة، والتواجد المؤقت لشرطة عربية دولية في قطاع غزة، وسيطرة سلطة فلسطينية يتم تشكيلها من جديد بشكل تدريجي على قطاع غزة.
وهذا يتطلب قيادة سياسية جديدة لكل من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. هؤلاء القادة موجودون بالفعل، لكنهم لا يستطيعون تسلم السلطة مادامت العناصر القديمة الفاسدة والعنيفة موجودة في السلطة.
من ناحية أخرى -وكإطار شامل لما سبق- يتعلق الأمر بإنشاء دولتين. هنا يبدو لي أن البرنامج الموضح في "بلد للجميع" هو الأفضل والأكثر أصالة والأكثر قابلية للتنفيذ. هذه الخطة هي نتاج تفكير دام لسنوات من قبل مجموعة من الإسرائيليين والفلسطينيين وتتصور إنشاء دولتين على طول حدود عام 1967. سيكون هذا اتحادًا كونفدراليًا تكون كل دولة فيه مستقلة تمامًا وذات سيادة، على أساس حق تقرير المصير وحق العودة، مع وجود القدس كعاصمة مشتركة.
وتختلف هذه الخطة عن حل الدولتين الذي لم يعد موجودا في المنظور، بينما الكونفدرالية تفرق بين حق المواطنة وبين حق الإقامة. وهذا يعني أن اليهود والفلسطينيين يمكن أن يكونوا مواطنين في دولة واحدة ولكنهم يعيشون في دولة أخرى، كما هو الحال بالفعل في الاتحاد الأوروبي.
وبالطبع لا بد من مراقبة عدد السكان الأجانب على كلا الجانبين. لكن الحدود ستكون مفتوحة وستُضمَن حرية التنقل. وفي مجالات -مثل النقل والطاقة والمياه والفضاء الإلكتروني وغيرها من البنية التحتية- ستكون المنطقة بأكملها متشابكة بشكل لا ينفصم بأي حال. وبالتالي ستسيطر المؤسسات الكونفدرالية على هذه التشابك، فضلا عن الحدود الخارجية لهذا الكيان بأكمله.
ومن الممكن أن تساعد ألمانيا في تنفيذ هذه الخطة بسرعة أكبر، على المستويين السياسي والاقتصادي. وبهذا يمكن أن تقدم مساهمة أساسية. وباعتبارها رؤية سياسية مستقبلية ووعداً -وكطريق للخروج من الدمار والعنف- فإن هذه الخطة أو خطة مماثلة يمكن أن تغير السياسة ومخيلة الناس.
في عام 1945 أثبتت ألمانيا أنه بمساعدة كبيرة من الآخرين كان هناك طريق للخروج من الدمار والرعب. والآن بمقدورها أن تساعد إسرائيل وفلسطين كي تسيرا على طريق المصالحة والتعايش بتعاون وثيق مع حلفاء آخرين، وخاصة الولايات المتحدة. وفي النهاية قد يكون هذا أعظم تكفير لألمانيا عن الحدث الذي أدى إلى تأسيس دولة إسرائيل وأعظم مساهمة منها من أجل قرن حادٍ وعشرين أكثر سلاماً.
حاورته: جيداء نورتش
ترجمة: صلاح شرارة
حقوق النشر: موقع قنطرة 2024
عومر بَرتوف، من مواليد إسرائيل عام 1954 - هو أستاذ للتاريخ الأوروبي والدراسات الألمانية في جامعة براون بمدينة بروفيدنس، عاصمة ولاية رود آيلاند بالولايات المتحدة الأمريكية.